يجب أن يكون الايمان باللّه والملائكة والكتب والرسل واليوم الاخر وغيرها إيماناً مطلقاً. فمن يزعم أنه يؤمن بنبوة نبي الاسلام(صلى الله عليه وآله) دون باقي الانبياء، أو يؤمن بنبوة كافة الانبياء باستثناء حكم لاحد الانبياء فإن ذلك غير كاف في الايمان، وهو يعني الكفر. ففي المنظور القرآني يجب أن يكون الايمان مطلقاً بجميع الانبياء، وبجميع ما أنزل اللّه، وبجميع محتويات الرسالات، ولا فائدة في إيمان مجزّأ إذ لا اثر له في نيل السعادة الاُخروية. وفي هذا الشأن قال تعالى:
(أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلاّ خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يُردّون الى أشدّ العذاب وما اللّه بغافل عما تعملون)[50].
وقال تعالى أيضاً:
(إن الذين يكفرون باللّه ورسله ويريدون أن يفرّقوا بين اللّه ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً * اُولئك هم الكافرون حقاً وأعتدنا للكافرين عذاباً مُهينا)[51].
والسبب في أن الذي يؤمن ببعض ويكفر ببعض له أشدّ العذاب، هو أن من تثبت له رسالة أحد الرسل ثم ينكر بعضها لا يكون الباعث لنكرانه إلا الجحود والعناد، ولهذا يستوجب أشد العذاب. اما الذي لا يؤمن بنبوة الانبياء أصلاً، فهذا لم تتوضح لديه الحقيقة بشكل كامل، أي ما زال قاصراً عن إثبات صحة الرسالات.
في كل حال، فإن الايمان المطلق بالانبياء ورسالاتهم يوجب السعادة، وليس التمييز في الايمان بهم، كما قال تعالى:
(والمؤمنون كلٌّ آمن باللّه وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا)[52].
إن هذا لا يعني إمكانية تطبيق شريعة كل نبي في العصور التي تليها باستثناء الشريعة الخاتمة. وهو ما لم يصرح به أي من الانبياء ـ باستثناء خاتمهم(صلى الله عليه وآله) ـ إنما يعني ضرورة التصديق بنبوة الانبياء ورسالاتهم.
وبناءً على ما ذكرنا، فإذا عمل المسلم بكل أحكام الاسلام، باستثناء حكم واحد، فهو كافر في باطنه ومستحق لاشدّ العذاب.
_________________________________
([50]) البقرة: 85 .
([51]) النساء: 150 ـ 151.
([52]) البقرة: 285.

أضف تعليق