السعادة في النظام الاخلاقي الاسلامي
ليس الاختلاف الاساس بين الانظمة الاخلاقية حول المفاهيم الكلية، انما حول مصاديقها، إذ إن كل الانظمة الاخلاقية أذعنت لحقيقة ان الانسان يطلب السعادة فطرياً، لكنها اختلفت في تحديد مصداق السعادة. فنقطة النزاع بين الانظمة الاخلاقية تتمثل في توضيح الاجابة عن ماهية السعادة، باعتبارها ضالّة الانسان التي يبذل كل مجهوداته في البحث عنها.
بديهي ان توضيح الاجابة ليس أمراً يسيراً، والسر وراء ذلك ان السعادة ـ ضالّة كل انسان ـ ليست شيئاً عينياً وموجوداً خارجياً، وليست حتى حيثية نفسية وظاهرة روحية خاصة، ليصار الى إدراكها بسهولة، وبالتالي تقليص مساحة الاختلاف بين الانظمة الاخلاقية.
ان السعادة مفهوم انتزاعي مصدره إدامة اللذة وشدتها بصورة مطلقة، وإلاّ ـ إذا تعذّر ذلك ـ فبصورة نسبية. على هذا الاساس تصدق السعادة اذا تحقق تغليب اللذائذ ـ كماً وكيفاً ـ على الالام.
وبكلمة موجزة، ان السعادة حاجة بشرية فطرية، فالجميع يريد ان تدوم لذاته بأفضل كيفية، وأن تفوق آلامَه، لكنه يجهل طريقة الوصول الى ذلك. اذن ثمة اتفاق حول مفهوم السعادة، بينما تبرز اختلافات كثيرة حول تحديد مصداق السعادة.