• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الشفاعة في القرآن الكريم

 

 

الآيات المتعلقة بالشفاعة على أصناف


وردت مادة الشفاعة في القرآن الكريم بصورها المتنوعة ثلاثين مرّة في سور شتى، ووقعت فيها مورداً للنفي تارة والإثبات أُخرى. هذا وينمّ كثرة ورودها والبحث حولها عن مدى اهتمام القرآن بهذا الأصل سواء في مجال النفي أو في مجال الإثبات. غير أنّ الاستنتاج الصحيح من الآيات يحتاج إلى جمع الآيات على صعيد واحد، حتى يفسّر بعضها بعضاً ويكون البعض قرينة على الأُخرى.
ومن الواضح أنّ الآيات المتعلّقة بالشفاعة على أصناف، يرمي كلّ صنف إلى هدف خاص كالآتي:


1 ـ الصنف الأول: ما ينفي الشفاعة


وهو آية واحدة، يقول سبحانه وتعالى: {يا أيّها الذين آمنوا أنفقوا ممّا رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خُلّة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون} (البقرة/254): إلاّ أنّ الآية اللاحقة لهذه الآية تصرّح بوجود الشفاعة عند الله سبحانه، إلاّ أنّها مشروطة بإذنه: {من ذا الذي يشفع عنده إلاّ بإذنه} (البقرة/255).
قال العلاّمة الطباطبائي: " إنّ لوازم المخالّة إعانة أحد الخليلين الآخر في مهام أُموره، فإذا كانت لغير وجه الله كان نتيجتها الإعانة على الشقوة الدائمة والعذاب الخالد كما قال تعالى بشأن الظالمين يوم القيامة: {يا ويلتى ليتني لم أتّخذ فلاناً خليلا * لقد أضلّني عن الذكر بعد إذ جاءني} الفرقان/28 ـ 29). أمّا الأخلاّء من المتقين فإن خُلَّتهم تتأكد وتنفعهم يومئذ. وفي الخبر النبوي: إذا كان يوم القيامة انقطعت الأرحام وقلّت الأنساب وذهبت الإخوة إلاّ الإخوة في الله، وذلك قوله: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدوّ إلاّ المتقين} (الزخرف/67)(1).
وعلى ذلك، فكما أنّ المنفيّ هو قسم خاص من المخالة دون مطلقها، فهكذا الشفاعة، فالمنفيّ بحكم السياق، قسم خاص من الشفاعة. أضف إلى ذلك أن الظاهر هو نفي الشفاعة في حق الكفار بدليل ما ورد في ذيل الآية، حيث قال: {والكافرون هم الظالمون}.
____________
1- الميزان، 18/128.


2 ـ الصنف الثاني: ما يفنّد عقيدة اليهود في الشفاعة


وهو الآيات التي خاطبت اليهودَ الذين كانوا يعتقدون بأنّ أنبياءهم وأسلافهم يشفعون لهم وينجُّوهم من العذاب سواء كانوا عاملين بشريعتهم أو عاصين، وأنّ مجرد الانتماء والانتساب يكفيهم في ذلك المجال. يقول تعالى: {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأنّي فضّلتكم على العالمين * واتّقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون} (البقرة/47 ـ 48).
إنّ وحدة السياق تقضي بأنّ الهدفَ من نفي قبول الشفاعة هو الشفاعة الخاطئة التي كانت تعتقدها اليهود في تلك الفترة من دون أن يشترطوا في الشفيع والمشفوع له شرطاً أو أمراً. ولا صلة لها بالشفاعة المحدودة المأذونة.

3 ـ الصنف الثالث: ينفي شمولَ الشفاعة للكفّار


وهو الآيات التي يستشف منها نفي وجود الشفيع يوم القيامة للكفّار الذين انقطعت علاقتهم عن الله لأجل الكفر به وبرسله وكتبه، كما انقطعت علاقتهم الروحية عن الشفعاء الصالحين لأجل انهماكهم في الفسق والأعمال السيّئة، فانّه ما لم يكن بين الشفيع والمشفوع له، ارتباطٌ روحي لا يقدر أو لا يقوم الشفيع على إنقاذه وتطهيره وتزكيته. يقول تعالى: {يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نردّ فنعمل غير الذي كنّا نعمل قد خسروا أنفسهم وضلّ عنهم ما كانوا يفترون} (الأعراف/53) ويقول تعالى أيضاً: {إذ نسوّيكم بربّ العالمين * وما أضلّنا إلاّ المجرمون * فما لنا من شافعين * ولا صديق حميم} (الشعراء/98 ـ 101) ويقول أيضاً: {وكنّا نكذّب بيوم الدين * حتّى أتانا اليقين * فما تنفعهم شفاعة الشافعين} (المدثر/46 ـ 48).


4 ـ الصنف الرابع: ينفي صلاحية الأصنام للشفاعة


وهذا الصنف يرمي إلى نفي صلاحية الأصنام للشفاعة، وذلك لأنّ عرب الجاهلية كانت تعبد الأصنام لاعتقادها بشفاعتها عند الله، وهذه الآيات هي:
أ ـ {وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتهم أنهم فيكم شركاء لقد تقطّع بينكم وضلّ عنكم ما كنتم تزعمون} (الأنعام/94).
ب ـ {ويعبدون من دون الله ما لا يضرّهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبّئون الله بما لا يعلم في السموات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عمّا يشركون} (يونس/18).
ج ـ {ولم يكن لهم من شركائهم شفعاؤا وكانوا بشركائهم كافرين} (الروم/13).
د ـ {أم اتّخذوا من دون الله شفعاء قل أَوَلوْ كانوا لا يملكون شيئاً ولا يعقلون} (الزمر/43).
هـ ـ {ءأتّخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضرّ لا تغن عنّي شفاعتهم شيئاً ولا ينقذون} (يس/23). والحاصل أنّ القرآن مع أنّه فنّد العقائد الجاهلية وعقائد الوثنيين في باب الشفاعة، وأبطل كون النظام السائد في الآخرة عين النظام السائد في الدنيا، لم يُنكِر الشفاعة بالمرّة، بل أثبتها لأوليائها، في إطار خاص وبمعايير خاصة. وعلى ذلك فالآيات النافية نزلت بشأن تلك العقيدة السخيفة التي التزمت بها الوثنية وزعمت بموجبها وحدة النظامين، وأنّ تقديم القرابين والصدقات إلى الأصنام والخشوع والبكاء لديهم، يُصحِّح قيامهم بالشفاعة وأنّهم قادرون على ذلك بتفويض منه سبحانه إليهم، بحيث صاروا مستقلين في الفعل والترك.
والآيات المثبتة تشير إلى الشفاعة الصحيحة التي ليست لها حقيقةٌ سوى جريان فيضه سبحانه ومغفرته من طريق أوليائه إلى عباده بإذنه ومشيئته تحتَ شرائط خاصة.



5 ـ الصنف الخامس: يخص الشفاعة به سبحانه


وهذه الآيات تبيّن أنّ الشفاعة مختصّة بالله سبحانه لا يشاركه فيها غيره، والآيات الكريمة هي:
أ ـ {وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه وليّ ولا شفيع لعلهم يتّقون} (الأنعام/51).
ب ـ {وذَرِ الذين اتخذوا دينهم لعباً ولهواً وغرّتهم الحياة الدنيا وذكّر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع} (الأنعام/70).
ج ـ {الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستّة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكّرون} (السجدة/4).
د ـ {قل لله الشفاعة جميعاً له ملك السموات والأرض ثم إليه ترجعون} (الزمر/44).
وجدير بالذكر أنّ الله سبحانه لا يشفع لأحد عند أحد، فإنّه فوق كل شيء، وذلّ كل شيء لديه، وبذلك يُصبح معنى قوله سبحانه: {لله الشفاعة جميعاً} رفضاً لعقيدة المشركين التي أشار إليها سبحانه في آية سابقة، أعني: {أم اتّخذوا من دون الله شفعاء} (الزمر/43)، فيكون المراد أنّ كل شفاعة فانّها مملوكة لله فانّه المالك لكل شيء ومنه شفاعتهم، فلا يشفع أحد إلاّ بإذنه.
فهنا شفاعتان: إحداهما لله، والأُخرى لعباده المأذونين. فما لله فمعناها: مالكيّته لكل شفاعة مأذونة بالأصالة لا أنّه سبحانه يشفع لأحد لدى أحد. وأما ما لعباده المأذونين، فهي شفاعتهم لمن ارتضاه سبحانه: وسنوافيك توضيحه في الصنف السادس من الآيات.


6 ـ الصنف السادس: يثبت الشفاعة لغيره سبحانه بشروط


إنّ هذا الصنف من الآيات يصرّح بوجود شفيع غير الله سبحانه وأن شفاعته تقبل عند الله تعالى في إطار خاص وشرائط معيّنة في الشفيع والمشفوع له. وهذه الآيات وإن لم تتضمن أسماء الشفعاء، أو أصناف المشفوع لهم، إلاّ أنّها تحدّد كلاًّ منهما بحدود واردة في الآيات:
أ ـ {من ذا الذي يشفع عنده إلاّ بإذنه} (البقرة/255).
ب ـ {ما من شفيع إلاّ من بعد إذنه} (يونس/3).
ج ـ {لا يملكون الشفاعة إلاّ من اتّخذ عند الرحمن عهداً} (مريم/87).
والضمير في قوله {لا يملكون} يرجع إلى الآلهة التي كانت تعبد، وأُشير إليه في قوله سبحانه {واتّخذوا من دون الله آلهةً ليكونوا لهم عزّاً * كلاّ سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدّاً} (مريم/81 ـ 82).
د ـ {يومئذ لا تنفع الشفاعة إلاّ من أذن له الرحمن ورضي له قولا} (طه/109).
هـ ـ {ولا تنفع الشفاعة عنده إلاّ لمن أذن له حتى إذا فزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربّكم قالوا الحقّ وهو العلي الكبير} (سبأ/23).
و ـ {ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلاّ من شهد بالحقّ وهم يعلمون} (الزخرف/86).
والضمير المتّصل في {يدعون} يرجع إلى الآلهة الكاذبة كالأصنام فهؤلاء لا يملكون الشفاعة إلاّ من شهد بالحق وهم يعلمون، أي شهد بعبوديّة ربّه ووحدانيّته كالملائكة والمسيح.
ويستفاد من هذه الآيات الأُمور التالية:
1 ـ إنّ هذه الآيات تصرّح بوجود شفعاء يوم القيامة يشفعون بشروط خاصة وإن لم تصرّح بأسمائهم وسائر خصوصياتهم.
2 ـ إنّ شفاعتهم مشروطة بإذنه سبحانه، حيث يقول: {إلاّ بإذنه}.
3 ـ يشترط في الشفيع أن يكون ممّن يشهد بالحق، أي يشهد بالله سبحانه ووحدانيته وسائر صفاته.
4 ـ أن لا يظهر الشفيع كلاماً يبعث غضب الله سبحانه، بل يقول قولا مرضياً عنده، ويدل عليه قوله: {ورضي له قولا}.
5 ـ أن يعهد الله سبحانه له بالشفاعة كما يشير إليه قوله: {إلاّ من اتخذ عند الرحمن عهداً}. ثم إنّ هناك سؤالا يطرح في هذا المقام، وهو كيف يصح الجمع بين هذا الصنف من الآيات التي تثبت الشفاعة لغيره سبحانه، والصنف الخامس الذي يخصّها بالله سبحانه؟
والجواب: إنّ مقتضى التوحيد في الأفعال، وأنّه لا مؤثر في عالم الكون إلاّ الله سبحانه، ولا يوجد في الكون مؤثر مستقل سواه، وإنّ تأثير سائر العلل إنّما هو على وجه التبعية لإرادته سبحانه ومشيئته، والاعتراف بمثل العلل التابعة لا ينافي انحصار التأثير الاستقلالي في الله سبحانه، ومن ليس له إلمامٌ بالمعارف القرآنية يواجه حيرة كبيرة تجاه طائفتين من الآيات ; إذ كيف يمكن أن تنحصر شؤون وأفعال، كالشفاعة والمالكية والرازقية، وتوفّي الأرواح والعلم بالغيب والإشفاء بالله سبحانه، كما عليه أكثر الآيات القرآنية، بينما تنسب هذه الأفعال في آيات أُخرى إلى غير الله من عباده. فكيف ينسجم هذا الانحصار مع هذه النسبة؟ غير أن الملمّين بمعارف الكتاب العزيز يدركون أنّ هذه الأُمور على وجه الاستقلال والأصالة قائمة بالله سبحانه، مختصة به، في حين أنّ هذه الأُمور تصدر من الغير على وجه التبعية وفي ظل القدرة الإلهية.
وقد اجتمعت النسبتان في قوله تعالى: {وما رميت إذ رميت ولكنّ الله رمى} (الأنفال/17). فهذه الآية عندما تنسب الرمي بصراحة إلى النبي الأعظم، تَسْلِبه عنه وتنسِبه إلى الله سبحانه، ذلك لأنّ انتساب الفعل إلى الله (الذي منه وجود العبد وقوّته وقدرته) أقوى بكثير من انتسابه إلى العبد، بحيث ينبغي أن يعتبر الفعلُ فعلا لله، ولكن شدّة الانتساب لا تسلب المسؤولية عن العبد.
وعلى ذلك فإذا كانت الشفاعة عبارة عن سريان الفيض الإلهي (أعني: طهارة العباد عن الذنوب وتخلّصهم عن شوائب المعاصي) على عباده، فهي فعل مختصّ بالله سبحانه لا يقدر عليه أحد إلاّ بقدرته وإذنه. وبذلك تصح نسبتُه إلى الله سبحانه بالأصالة وإلى غيره بالتبيعة، ولا منافاة بين النسبتين، كالملكية، فالله سبحانه مالك الملك والملكوت، ملك السماوات والأرض بإيجاده وإبداعه، ثم يملكه العبد منه بإذنه ولا منافاة في ذلك، لأنّ الملكية الثانية على مدى الملكية الأُولى. ونظيرها كتابة أعمال العباد، فالكاتب هو الله سبحانه، حيث يقول: {والله يكتب ما يبيّتون} (النساء/81) وفي الوقت نفسه ينسبها إلى رسله وملائكته، ويقول: {بلى ورسلنا لديهم يكتبون} (الزخرف/80). فإذا كانت الملائكة والأنبياء والأولياء مأذونين في الشفاعة، فلا مانع من أن تنسب إليهم الشفاعة، كما تنسب إلى الله سبحانه، غير أنّ أحدهما يملك هذا الحقّ بالأصالة والآخر يملكها بالتبعية.

7 ـ الصنف السابع: يُسمّي من تقبل شفاعتُه


ويتضمّن هذا الصنف أسماء وخصوصيات من تُقْبل شفاعته يوم القيامة. وهذه الآيات هي:
أ ـ {وقالوا اتّخذ الرحمن ولداً سبحانه بل عباد مكرمون * لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون * يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلاّ لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون} (الأنبياء/26 ـ 28).
وهذه الآيات تصرّح بأنّ الملائكة التي اتّخذها المشركون أولاداً لله سبحانه، معصومون من كل ذنب لا يسبقون الله بالقول وهم بأمره يعملون، ولا يشفعون إلاّ لمن ارتضاه الله سبحانه، وهم مشفقون من خشيته.
ب ـ {وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلاّ من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى} (النجم/26).
وهذه الآية كالآية السابقة تفيد كون الملائكة ممّن ترضى شفاعتهم بإذن الله سبحانه في حقّ من يشاء الله ويرضاه.
ج ـ {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبّحون بحمد ربّهم ويؤمنون به ويستغفرون للّذين آمنوا} (غافر/7).
وهذه الآية تعد حملة العرش ومن حوله ممّن يستغفرون للّذين آمنوا. والآية مطلقة، تشمل ظروف الدنيا والآخرة. وهل طلب المغفرة الاّ الشفاعة في حقّ المؤمنين؟
هذه هي الأصناف السبعة من الآيات الواردة في الشفاعة. فهي غير نافية على وجه الإطلاق، ولا مثبتة كذلك، بل تثبتها تحت شروط خاصة وتصرّح بوجود شفعاء مأذونين ولا يذكر أسماءهم سوى الملائكة وذلك للمصلحة الكامنة في هذا الإبهام، ولأجل أن يتميّز المقبول من المرفوض نورد خلاصة الآيات:

الشفاعات المرفوضة:


1 ـ الشفاعة التي كانت تعتقدها اليهود الذين رفضوا كل قيد وشرط في جانب الشافع والمشفوع له، واعتقدوا أنّ الحياة الأُخروية كالحياة الدنيوية، حيث يُمكن التخلّص من عذاب الله سبحانه بالفداء. وقد ردّ القرآن في كثير من الآيات وقال: {ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون} (البقرة/48) وقد أوردنا هذا في الصنف الثاني من الأصناف السبعة المذكورة.
2 ـ الشفاعة في حقّ من قطعوا علاقاتهم الإيمانية مع الله سبحانه فلم يؤمنوا به أو بوحدانيته أو بقيامته، أو أفسدوا في الأرض، وظلموا عباده، أو غير ذلك ممّا يوجب قطع رابطة العبد مع الله سبحانه حتى صاروا أوضح مصداق لقوله سبحانه: {نسوا الله فأنساهم أنفسهم} (الحشر/19)، وقوله سبحانه: {قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تُنسى} (طه/126)، وقوله سبحانه: {فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا} (الأعراف/5) إلى غير ذلك من الآيات الواردة في حق المشركين والكافرين والظالمين والمفسدين ; وهؤلاء كما قطعوا علاقتهم الإيمانية مع الله سبحانه كذلك قطعوا صلاتهم المعنوية مع الشافع، فلم تبق بينهم وبين الشافعين آية مشابهة تصحح شفاعتهم له.
وقد ورد في الصنف الثالث من الأصناف السبعة المذكورة ما يوضح هذا الأمر.
3 ـ الأصنام التي كانت العرب تعبدها كذباً وزوراً، وقد نفى القرآن أن تكون هذه الأصنام قادرة على الدفاع عن نفسها فضلا عن الشفاعة في حقّ عبادها. (لمزيد من التوضيح راجع الصنف الرابع من الأصناف المذكورة).
هذه هي الشفاعات المرفوضة في القرآن الكريم.


الشفاعات المقبولة


أما الشفاعات المقبولة فهي:
1 ـ الشفاعة التي هي من حقّ الله سبحانه، وليس للمخلوق أن ينازعه في هذا الحق أو يشاركه فيه (لاحظ الصنف الخامس من الأصناف السبعة).
2 ـ شفاعة فئة خاصة من عباد الله سبحانه، الذين تقبل شفاعتهم عند الله بشروط خاصة ذكرت في الآيات الواردة في الصنف السادس وإن لم تُذكَر أسماؤهم وخصوصياتهم.
3 ـ شفاعة الملائكة وحملة العرش ومن حوله، حيث يستغفرون للّذين آمنوا، فهؤلاء يقبل استغفارهم الذي هو قسم من الشفاعة، والفرق بين هذا وما تقدّم، هو أنّه قد ذكرت أسماء الشفعاء وخصوصياتهم في هذه الآيات دون ما تقدمها.
وبالوقوف على هذه الأصناف السبعة بإمكاننا تمييز الشفاعة المرفوضة عن المقبولة كما نصّ عليها القرآن الكريم.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page