• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

تجهيز الخليفة ودفنه

أخرج الطبري من طريق أبي بشير العابدي قال: نبذ عثمان رضي الله عنه ثلاثة أيام لا يدفن، ثم أن حكيم بن حزام القرشي ثم أحد بني أسد بن عبد العزى، وجبير ابن مطعم كلما عليا في دفنه وطلبا إليه أن يأذن لأهله في ذلك، ففعل وأذن لهم علي، فلما سمع بذلك قعدوا له في الطريق بالحجارة، وخرج به ناس يسير من أهله وهم يريدون به حائطا بالمدينة يقال له: حش كوكب (1) كانت اليهود تدفن فيه موتاهم، فلما خرج به على الناس رجموا سريره وهموا بطرحه، فبلغ ذلك عليا، فأرسل إليهم يعزم عليهم ليكفن عنه، ففعلوا فانطلق به حتى دفن رضي الله عنه في حش كوكب، فلما ظهر معاوية بن أبي سفيان على الناس أمر بهدم ذلك الحائط حتى أفضى به إلى البقيع، فأمر الناس أن يدفنوا موتاهم حول قبره حتى اتصل ذلك بمقابر المسلمين.
ومن طريق أبي كرب - وكان عاملا على بيت مال عثمان - قال: دفن عثمان رضي الله عنه بين المغرب والعتمة ولم يشهد جنازته إلا مروان بن الحكم وثلاثة من مواليه وابنته الخامسة فناحت ابنته ورفعت صوتها تندبه، وأخذ الناس الحجارة وقالوا:
نعثل نعثل، وكادت ترجم، فقالوا: الحائط الحائط، فدفن في حائط خارجا.
ومن طريق عبد الله بن ساعدة قال: لبث عثمان بعد ما قاتل ليلتين لا يستطيعون دفنه ثم حمله أربعة: حكيم بن حزام، وجبير بن مطعم، ونيار بن مكرم، وأبو جهم ابن حذيفة. فلما وضع ليصلى عليه جاء نفر من الصحابة يمنعونهم الصلاة عليه فيهم:
أسلم بن أوس بن بجرة الساعدي، وأبو حية المازني في عدة ومنعوهم أن يدفن بالبقيع فقال أبو جهم: ادفنوه فقد صلى الله عليه وملائكته، فقالوا: لا والله لا يدفن في مقابر المسلمين أبدا، فدفنوه في حش كوكب، فلما ملكت بنو أمية أدخلوا ذلك الحش في البقيع، فهو اليوم مقبرة بني أمية.
ومن طريق عبد الله بن موسى المخزومي قال: لما قتل عثمان رضي الله عنه أرادوا حز رأسه فوقعت عليه نائلة وأم البنين فمنعهم وصحن وضربن الوجوه وخرقن ثيابهن، فقال ابن عديس: اتركوه، فأخرج عثمان ولم يغسل إلى البقيع، وأرادوا أن يصلوا عليه في موضع الجنائز فأبت الأنصار، وأقبل عمير بن ضابئ وعثمان موضوع على باب فنزا عليه فكسر ضلعا من أضلاعه وقال: سجنت ضابئا حتى مات في السجن.
وأخرج ابن سعد والطبري من طريق مالك بن أبي عامر قال: كنت أحد حملة عثمان رضي الله عنه حين قتل، حملناه على باب وأن رأسه لتقرع الباب لإسراعنا به، وإن بنا من الخوف لأمرا عظيما حتى واريناه في قبره في حش كوكب.
وأخرج البلاذري من رواية أبي مخنف: إن عثمان رضي الله عنه قتل يوم الجمعة فترك في داره قتيلا، فجاء جبير بن مطعم، وعبد الرحمن بن أبي بكر، ومسور بن مخرمة الزهري، وأبو الجهم بن حذيفة العدوي ليصلوا عليه ويجنوه، فجاء رجال من الأنصار فقالوا: لا ندعكم تصلون عليه، فقال أبو الجهم: ألا تدعونا نصلي عليه؟ فقد صلت عليه الملائكة، فقال الحجاج بن غزية: إن كنت كاذب فأدخلك الله مدخله، قال: نعم حشرني الله معه، قال ابن غزية: إن الله حاشرك معه ومع الشيطان، والله إن ترك إلحاقك، به لخطأ وعجز. فسكت أبو الجهم، ثم إن القوم أغفلوا أمر عثمان وشغلوا عنه، فعاد هؤلاء النفر فصلوا عليه ودفنوه، وأمهم جبير بن مطعم وحملت أم البنين بنت عيينة بن حصن امرأة عثمان لهم السراج، وحمل على باب صغير من جريد قد خرجت عنه رجلاه وأخرج حديث منع الصلاة عليه أبو عمر في " الاستيعاب " من طريق هشام بن عروة عن أبيه.
وقال: إنه لقيهم قوم من الأنصار فقاتلوهم حتى طرحوه، ثم توطأ عمير بن ضابئ بن الحارث بن أرطاة التميمي ثم البرجمي بطنه، وجعل يقول: ما رأيت كافرا ألين بطنا منه، وكان أشد الناس على عثمان، فكان يقول يومئذ: أرني ضابئا، أحي لي ضابئا ليرى ما عليه عثمان من الحال. وقال ابن قتيبة في الشعر والشعراء ص 128: جاء عمير بن ضابئ حتى رفسه برجله.
قال البلاذري: ودفن عثمان في حش كوكب وهو نخل لرجل قديم يقال له:
كوكب، ثم أقبل الناس حين دفن إلى علي فبايعوه وأرادوا دفن عثمان بالبقيع فمنعهم من ذلك قوم فيهم أسلم بن بجرة الساعدي، ويقال: جبلة بن عمرو الساعدي، وقال ابن دأب: صلى عليه مسور بن مخرمة.
وقال المدائني عن الوقاضي عن الزهري: امتنعوا من دفن عثمان فوقفت أم حبيبة بباب المسجد ثم قالت: لتخلن بيننا وبين دفن هذا الرجل أو لأكشفن ستر رسول الله فخلوا بينهم وبين دفنه.
وأخرج من طريق أبي الزناد قال: خرجت نائلة امرأة عثمان ليلة دفن ومعها سراج وقد شقت جيبها وهي تصيح: واعثماناه، وأمير المؤمنيناه، فقال لها جبير بن مطعم: أطفئي السراج فقد ترين من الباب، فأطفأت السراج وانتهوا إلى البقيع، فصلى عليه جبير وخلفه حكيم بن حزام، وأبو جهم، ونيار بن مكرم، ونائلة وأم البنين امرأتاه ونزل في حفرته نيار وأبو جهم وجبير، وكان حكيم والامرأتان يدلونه على الرجال حتى قبر وبني عليه وغموا قبره وتفرقوا. وفي لفظ أبي عمر: فلما دفنوه غيبوا قبره، وذكره السمهودي في وفاء الوفاء 2: 99 من طريق ابن شبة عن الزهري.
وأخرج ابن الجوزي والمحب الطبري والهيثمي من طريق عبد الله بن فروخ قال:
شهدت عثمان بن عفان دفن في ثيابه بدمائه ولم يغسل. وقال المحب: خرجه البخاري والبغوي في معجمه. وذكر ابن الأثير في " الكامل " وابن أبي الحديد في الشرح أنه لم يغسل وكفن في ثيابه.
وأخرج أبو عمر في " الاستيعاب " من طريق مالك قال: لما قتل عثمان رضي الله عنه ألقي على المزبلة ثلاثة أيام فلما كان من الليل أتاه اثنا عشر رجلا (2) فيهم حويطب ابن عبد العزى، وحكيم بن حزام، وعبد الله بن الزبير فاحتملوه فلما صاروا به إلى المقبرة ليدفنوه ناداهم قوم من بني مازن: والله لئن دفنتموه ههنا لنخبرن الناس غدا. فاحتملوه وكان على باب وأن رأسه على الباب ليقول: طق طق، حتى صاروا به إلى حش كوكب فاحتفروا له وكانت عائشة بنت عثمان رضي الله عنهما معها مصباح في جرة، فلما أخرجوه ليدفنوه صاحت فقال لها ابن الزبير: والله لئن لم تسكتي لأضربن الذي في عيناك. فسكتت فدفن.
وذكره المحب الطبري في " الرياض " نقلا عن القلعي، وذكر عن الخجندي أنه أقام في حش كوكب ثلاثا مطروحا لا يصلى عليه.
وذكر الصفدي في تمام المتون ص 79 عن مالك أن عثمان ألقي على المزبلة ثلاثة أيام.
وقال اليعقوبي: أقام ثلاثا لم يدفن وحضر دفنه حكيم، وجبير، وحويطب، و عمرو بن عثمان ابنه، ودفن ليلا في موضع يعرف بحش كوكب، وصلى عليه هؤلاء الأربعة وقيل: لم يصل عليه، وقيل: أحد الأربعة صلى عليه، فدفن بغير صلاة.
وقال ابن قتيبة: ذكروا أن عبد الرحمن بن الأزهر قال: لم أكن دخلت في شئ من أمر عثمان لا عليه ولا له، فإني مجالس بفناء داري ليلا بعد ما قتل عثمان بليلة إذ جاءني المنذر بن الزبير فقال إن أخي يدعوك فقمت إليه فقال لي: إنا أردنا أن ندفن عثمان فهل لك؟ قلت: والله ما دخلت في شئ من شأنه وما أريد ذلك، فانصرفت عنه ثم اتبعته، فإذا هو في نفر فيهم جبير بن مطعم، وأبو الجهم، والمسور، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وعبد الله بن الزبير فاحتملوه على باب وأن رأسه ليقول: طق طق، فوضعوه في موضع الجنائز فقام إليهم رجال من الأنصار فقالوا لهم: لا والله لا تصلون عليه، فقال أبو الجهم: ألا تدعون نصلي عليه؟ فقد صلى الله تعالى عليه وملائكته. فقال له رجل منهم: إن كنت كاذبا فأدخلك الله مدخله، فقال له: حشرني الله معه فقال له: إن الله حاشرك مع الشياطين، والله إن تركناكم به لعجز منا. فقال القوم لأبي الجهم: اسكت عنهم وكف فسكت، فاحتملوه ثم انطلقوا مسرعين كأني اسمع وقع رأسه على اللوح حتى وضعوه في أدنى البقيع فأتاهم جبلة بن عمرو الساعدي من الأنصار فقال: لا والله لا تدفنوه في بقيع رسول الله ولا نترككم تصلون عليه، فقال أبو الجهم: انطلقوا بنا إن لم نصل عليه فقد صلى الله عليه، فخرجوا ومعهم عائشة بنت عثمان معها مصباح في حق حتى إذا أتوا به جسر (3) كوكب حفروا له حفرة ثم قاموا يصلون عليه وأمهم جبير بن مطعم، ثم دلوه في حفرته فلما رأته ابنته صاحت فقال ابن الزبير: والله لئن لم تسكتي لأضربن الذي في عينيك فدفنوه، ولم يلحدوه بلبن وحثوا عليه التراب حثوا.
وقال ياقوت الحموي: لما قتل عثمان ألقي في حش كوكب ثم دفن في جنبه.
وذكر ابن كثير بعض ما أسلفناه نقلا عن البلاذري فقال: ثم أخرجوا بعبدي عثمان اللذين قتلا في الدار وهما: صبيح ونجيح رضي الله عنهما فدفنا إلى جانبه بحش كوكب، وقيل: إن الخوارج لم يمكنوا من دفنهما، بل جروهما بأرجلهما حتى ألقوهما بالبلاط (4) فأكلتهما الكلاب، وقد اعتنى معاوية في أيام إمارته بقبر عثمان، ورفع الجدار بينه وبين البقيع وأمر الناس أن يدفنوا موتاهم حوله.
وذكر الحلبي في السيرة عن ابن ماجشون عن مالك: إن عثمان بعد قتله ألقي على المزبلة ثلاثة أيام، وقيل، أغلق عليه بابه بعد قتله ثلاثة أيام، لا يستطيع أحد أن يدفنه (إلى آخر ما مر من حديث مالك) ولما دفنوه عفوا قبره خوفا عليه أن ينبش، وأما غلاماه اللذان قتلا معه فجروهما برجليها وألقوهما على التلال فأكلتهما الكلاب.
وذكر ابن أبي الحديد وابن الأثير والدميري أنه أقام ثلاثة أيام لم يدفن ولم يصل عليه، وقيل لم يغسل ولم يكفن، وقيل: صلى عليه جبير بن مطعم ودفن ليلا.
وذكر السمهودي في وفاء الوفا عن عثمان بن محمد الأخنسي عن أم حكيمة قالت: كنت مع الأربعة الذين دفنوا عثمان بن عفان: جبير، حكيم، أبو جهم، نيار الأسلمي وحملوه على باب اسمع قرع رأسه على الباب كأنه دباة ويقول: دب دب.
حتى جاؤا به حش كوكب فدفن به ثم هدم عليه الجدار وصلي عليه هناك.
طبقات ابن سعد ط ليدن 3: 55: أنساب البلاذري 83، 86، 99، الإمامة والسياسة 1: 40، تاريخ الطبري 5: 143، 144، تاريخ اليعقوبي 2: 153، الاستيعاب 2: 478، 479 صفة الصفوة 1: 117، الكامل لابن الأثير 3: 76، الرياض النضرة 2: 131، 132، معجم البلدان 3: 281، شرح ابن أبي الحديد 1: 168، تاريخ ابن كثير 7: 190، 191، حياة الحيوان للدميري 1: 54، وفاء الوفا للسمهودي 2: 99، السيرة الحلبية 2: 85، تاريخ الخميس 2: 265.
وقال الشاعر المفلق أحمد شوقي بك في دول العرب ص 49.
من لقتيل بالسفا (5) مكفن * مرت به ثلاثة لم يدفن
تعرضه نوادبا أرامله * ويشفق النعش ويأبى حامله
قد حيل بين الأرض وابن آدما * ونوزعت دار البقاء قادما
قال الأميني: إن هاهنا صحيفة غامضة أقف تجاهها موقف السادر لا تطاوعني النفس على الركون إلى أي من شقي الاحتمال الذين يخالجان في الصدر، وذلك أن ما ارتكب من الخليفة في التضييق عليه وقتله بتلكم الصور المشددة، ثم ما نيل منه بعد القتل من المنع عن تجهيزه وتغسيله ودفنه والصلاة عليه والوقيعة فيه بالسباب المقذع وتحقيره برمي جنازته بالحجارة وكسر بعض أضلاعه، يستدعي إما فسق الصحابة أجمع فإنهم كانوا بين مباشر لهاتيك الأحوال، وبين خاذل للمودى به، وبين مؤلب عليه، إلى مثبط عنه، إلى راض بما فعلوا، إلى محبذ لتلكم الأهوال، وكان يرن في مسامعهم قوله تعالى: لا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق. وقوله تعالى: من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا. وقوله تعالى: ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما.
وما جاء في ذلك من السنة أكثر، وما يؤثر عن نبي العظمة صلى الله عليه وآله وسلم من وجوب دفن موتى المؤمنين وتغسيلهم وتكفينهم والصلاة عليهم، وإن حرمة المؤمن ميتا كحرمته حيا، فالقوم إن كانوا متعمدين في مخالفة هذه النصوص؟ فهم فساق إن لم نقل إنهم مراق عن الدين بخروجهم على الإمام المفترض طاعته.
أو أن هذه الأحوال تستدعي انحراف الخليفة عن الطريقة المثلى؟ وأن القوم اعتقدوا بخروجه عن مصاديق تلكم الأوامر والمناهي المؤكدة التي تطابق عليها الكتاب والسنة. وليس من السهل الهين البخوع إلى أي من طرفي الترديد؟ أما الصحابة فكلهم عدول عند القوم يركن إليهم ويحتج بأقوالهم وأفعالهم ويوثق بإيمانهم، وقد كهربتهم صحبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فأخرج درن نفوسهم، وكان في المعمعة منهم بقايا العشرة المبشرة كطلحة والزبير، ولطلحة خاصة فظاظات حول ذلك الجلاد، إلى أناس آخرين من ذوي المآثر نظراء عمار بن ياسر، ومالك الأشتر، وعبد الله بن بديل، وكان بين ظهرانيهم إمام المسلمين أمير المؤمنين علي عليه السلام وهو المرموق يومئذ للخلافة، وقد انثنت إليه الخناصر، والأمة أطوع له من الظل لذيه. أفتراه والحالة هذه سكت عن تلكم الفظايع وهو مطل عليها من كثب وهو أعلم الناس بنواميس الشريعة، وأهداهم إلى طريقها المهيع، وهو يعلم أن من المحظور ارتكابها؟ لا ها الله.
أو أنه عليه السلام أخذ الحياد في ذلك المأزق الحرج وهو مستبيح للحياد أو لما يعملون به؟ أنا لا أدري.
وليس من المستطاع القول بأن معظم الصحابة ما كانوا عالمين بتلكم الوقايع، أو أنهم ما كانوا يحسبون أن الأمر يبلغ ذلك المبلغ، أو أنهم كانوا غير راضين بهاتيك الأحدوثة، فإن الواقعة ما كانت مباغتة ولا غيلة حتى يعزب عن أحد علمها، فإن الحوار استدام أكثر من شهرين، وطيلة هذه المدة لم يكن للمتجمهرين طلبة من الخليفة إلا الاقلاع عن أحداثه، أو التنازل عن عرش الخلافة، وكانوا يهددونه بالقتل إن لم يخضع لإحدى الطلبتين، وكانت نعرات القوم في ذلك تتموج بها الفضاء، وعقيرة عثمان في التوبة تارة وعدم التنازل أخرى وتخويفهم بمغبات القتل ثالثة تتسرب في فجوات الجو، فلو كان معظم الصحابة منحازين عن ذلك الرأي لكان في وسعهم تفريق الجمع بالقهر أو الموعظة، لكن بالرغم عما يزعم عليهم لم يؤثر عن أحد منهم ما يثبت ذلك أو يقربه، وما أسلفناه من الأحاديث الجمة النامة عن معتقدات الصحابة في الخليفة وفي التوثب عليه تفند هذه المزعمة الفارغة، إن لم نقل أنها تثبت ما يعلمه الكل من الإجماع على مقت الخليفة والتصافق على ما نقموا عليه والرضا بما نيل منه، حتى أن أحدا لم يرو عنه أنه ساءه نداء قاتله حين طاف بالمدينة ثلاثا قائلا: أنا قاتل نعثل (6).
وأما ثاني الاحتمالين فمن المستعصب أن يبلغ سوء الظن بالخليفة هذا المدى، وإن كانت الصحابة جزموا بذلك، والشاهد يرى ما لا يراه الغايب، وقد أوقفناك على قول السيدة عائشة: اقتلوا نعثلا قتله الله وقد كفر.
وقولها لمروان: وددت والله أنه في غرارة من غرائري هذه وأني طوقت حمله حتى ألقيه في البحر.
وقولها لابن عباس: إياك أن ترد الناس عن هذا الطاغية.
وقول عبد الرحمن بن عوف للإمام أمير المؤمنين عليه السلام: إذا شئت فخذ سيفك وآخذ سيفي، إنه قد خالف ما أعطاني.
وقوله: عاجلوه قبل أن يتمادى في ملكه.
وقوله له: لله علي أن لا أكلمك أبدا.
وقول طلحة لمجمع بن جارية لما قال له: أظنكم والله قاتليه: (فإن قتل فلا ملك مقرب ولا نبي مرسل).
وقد مر أن طلحة كان أشد الناس على عثمان في قتله يوم الدار، وقتل دون دمه وقول الزبير: اقتلوه فقد بدل دينكم.
وقوله: إن عثمان لجيفة على الصراط غدا.
وقول عمار يوم صفين: امضوا معي عباد الله إلى قوم يطلبون فيما يزعمون بدم الظالم لنفسه الحاكم على عباد الله بغير ما في كتاب الله.
وقوله: ما تركت في نفسي حزة أهم إلي من أن لا نكون نبشنا عثمان من قبره ثم أحرقناه بالنار.
وقوله: أراد أن يغير ديننا فقتلناه.
وقوله: والله إن كان إلا ظالما لنفسه الحاكم بغير ما أنزل الله.
وقوله: إنما قتله الصالحون المنكرون للعدوان الآمرون بالاحسان.
وقول حجر بن عدي وأصحابه: هو أول من جار في الحكم وعمل بغير الحق.
وقول عبد الرحمن العنزي: هو أول من فتح أبواب الظلم، وارتج أبواب الحق.
وقول هاشم المرقال: إنما قتله أصحاب محمد وقراء الناس حين أحدث أحداثا و خالف حكم الكتاب، وأصحاب محمد هم أصحاب الدين، وأولى بالنظر في أمور المسلمين وقول عمرو بن العاص: أنا أبو عبد الله إذا حككت قرحة نكأتها، إن كنت لأحرض عليه حتى إني لأحرض عليه الراعي في غنمه في رأس الجبل.
وقوله له: ركبت بهذه الأمة نهابير من الأمور فركبوها منك، وملت بهم فمالوا بك، اعدل أو اعتزل.
وقوله: أنا عبد الله قتلته وأنا بوادي السباع.
وقول سعد بن أبي وقاص: إنه قتل بسيف سلته عائشة، وصقله طلحة، وسمه ابن أبي طالب، وسكت الزبير وأشار بيده، وأمسكنا نحن ولو شئنا دفعناه عنه. إلخ.
وقول جهجاه الغفاري: قم يا نعثل! فأنزل عن هذا المنبر، ندرعك عباءة، ولنطرحك في الجامعة، ولنحملك على شارف من الإبل ثم نطرحك في جبل الدخان.
وقول مالك الأشتر: إلى الخليفة المبتلى الخاطئ الحائد عن سنة نبيه، النابذ لحكم القرآن وراء ظهره.
وقول عمرو بن زرارة: إن عثمان قد ترك الحق وهو يعرفه. الخ.
وقول الحجاج بن غزية الأنصاري: والله لو لم يبق من عمره إلا بين الظهر والعصر لتقربنا إلى الله بدمه.
وقول قيس بن سعد الأنصاري: أول الناس كان فيه " قتل عثمان " قياما عشيرتي ولهم أسوة.
وقول جبلة بن عمرو الأنصاري: يا نعثل! والله لأقتلنك ولأحملنك على قلوص جرباء ولأخرجنك إلى حرة النار.
وقوله وقد سئل الكف عن عثمان: والله لا ألقى الله غدا فأقول: إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل.
وقول محمد بن أبي بكر له: على أي دين أنت يا نعثل؟ غيرت كتاب الله. وقوله له: الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين.
وقول الصحابة مجيبين لقوله: لا تقتلوني فإنه لا يحل إلا قتل ثلاثة: إنا نجد في كتاب الله قتل غير الثلاثة الذين سميت، قتل من سعى في الأرض فسادا، وقتل من بغى ثم قاتل على بغيه، وقتل من حال دون شئ من الحق ومنعه ثم قاتل دون وكابر عليه، وقد بغيت، ومنعت الحق، وحلت دونه وكابرت عليه. الخ.
وقول عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث من أبيات مرت ج 8: 288.
وشبهته كسرى وقد كان مثله * شبيها بكسرى هديه وضرائبه
إلى كلمات آخرين محكمات وأخر متشابهات، يشبه بعضها بعضا.
إن في هذا المأزق الحرج لا بد لنا من ركوب إحدى الصعبتين، والحكم هي الفطرة السليمة مهما دار الأمر بين تخطئة إنسان واحد محتف بالأحداث، وبين تضليل آلاف مؤلفة فيهم الأئمة والعلماء والحكماء والصالحون وقد ورد في فضلهم ما ورد كما نرتأيه نحن، أو أن كلهم عدول يحتج بأقوالهم وأفعالهم كما يحبسه أهل السنة، وإن كان في البين اجتهاد كما يحسبونه في أمثال المقام فهو في الطرفين، والتحكم بإصابة إنسان واحد وخطأ تلك الأمة الكبيرة في اجتهادها، تهور بحت، وتمحل لا يصار إليه، وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط، إن الله يحب المقسطين.
____________
(1) قال أبو عمر في " الاستيعاب " وياقوت في " المعجم " والمحب الطبري في " الرياض ": كوكب رجل من الأنصار، والحش: البستان.
(2) أحاديث الباب مطلقة على أن الذين تولوا اجنانه كانوا أربعة. وقال المحب الطبري وقد قيل: إن الذين تولوا تجهيزه كانوا خمسة أو ستة. أربعة رجال وامرأتان نائلة وأم البنين.
(3) كذا في النسخة، والصحيح: حش.
(4) البلاط من الأرض: وجهها، أو منتهى الصلب منها. وفي لفظ الحلبي كما يأتي: التلال ولعله الصحيح.
(5) السفا: الغبار.
(6) الاستيعاب 2: 478.



أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page