• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الغلو في فضايل عثمان : 24 - رأي الخليفة في رد الأخوين الأم عن الثلث

أخرج الطبري في تفسيره 4: 188 من طريق شعبة عن ابن عباس: إنه دخل على عثمان رضي الله عنه فقال: لم صار الأخوان يردان الأم إلى السدس وإنما قال الله: فإن كان له إخوة. والأخوان في لسان قومك وكلام قومك ليسا بإخوة؟ فقال عثمان رضي الله عنه: هل أستطيع نقض أمر كان قبلي وتوارثه الناس ومضى في الأمصار وفي لفظ الحاكم والبيهقي: لا أستطيع أن أرد ما كان قبلي ومضى في الأمصار وتوارث به الناس.
أخرجه الحاكم في المستدرك 4: 335 وصححه، والبيهقي في سنن الكبرى 6: 227، وابن حزم في المحلى 9: 258، وذكره الرازي في تفسيره 3: 163، وابن كثير في تفسيره 1: 459، والسيوطي في الدر المنثور 2: 126، والآلوسي في روح المعاني 4: 225.
قال الأميني: ما أجاب به الخليفة ابن عباس ينم عن عدم تضلعه في العربية مع إنها لسان قومه، ولو كان له قسط منها لأجاب ابن عباس بصحة إطلاق الجمع على الاثنين وإنه المطرد في كلام العرب، لا بالعجز عن تغيير ما غلط فيه الناس كلهم العياذ بالله وما هو ببدع في ذلك عمن تقدماه يوم لم يعرفا معنى " الأب " وهو من صميم لغة الضاد ومشروح بما بعده في الذكر الحكيم، فإن إطلاق الأخوة على الأخوين قد لهج به جمهور العرب ولذلك لا تجد أي خلاف في حجب الأخوين الأم عن الثلث إلى السدس بين الصحابة العرب الأقحاح، والتابعين الذين نزلوا منزلتهم من العربية الفصحاء، والفقهاء من مذاهب الاسلام، ولا استناد لهم في الحكم إلا الآية الكريمة، وما ذلك إلا لتجويزهم إطلاق الجمع على الاثنين سواء كان ذلك أقله أو توسعا مطردا في الإطلاق.
قال الطبري في تفسيره 4: 187: قال جماعة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان ومن بعدهم من علماء أهل الاسلام في كل زمان: عني الله جل ثناؤه بقوله: فإن كان له إخوة فلامه السدس. اثنين كان الأخوة أو أكثر منهما، أنثيين كانتا أو كن إناثا، أو ذكرين كانا أو ذكورا، أو كان أحدهما ذكرا والآخر أنثى، واعتل كثير ممن قال ذلك بأن ذلك قالته الأمة عن بيان الله جل ثناؤه على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم فنقلته أمة نبيه نقلا مستفيضا قطع العذر مجيئه، ودفع الشك فيه عن قلوب الخلق وروده (ثم نقل حديث ابن عباس المذكور فقال): والصواب من القول في ذلك عندي أن المعني بقوله: فإن كان له إخوة. اثنان من أخوة الميت فصاعدا على ما قاله أصحاب رسول الله دون ما قاله ابن عباس رضي الله عنه (1) لنقل الأمة وراثة صحة ما قالوه من ذلك عن الحجة وإنكارهم ما قاله ابن عباس في ذلك. قال: فإن قال قائل: وكيف قيل في الأخوين إخوة؟ وقد علمت أن الأخوين في منطق العرب مثالا لا يشبه مثال الأخوة في منطقها؟ قيل: إن ذلك كان كذلك فإن من شأنها التأليف بين الكلامين بتقارب معنييهما وإن اختلفا في بعض وجوههما فلما كان ذلك كذلك وكان مستفيضا في منطقها، منتشرا مستعملا في كلامها: ضربت من عبد الله وعمرو رؤسهما، وأوجعت منهما ظهورهما، وكان ذلك أشد استفاضة في منطقها من أن يقال: أوجعت منهما ظهرهما، وإن كان مقولا أوجعت ظهرهما كما قال الفرزدق:
بما في فؤادينا من الشوق والهوى * فيبرأ منهاض الفؤاد المشغف
غير أن ذلك وإن كان مقولا فأفصح منه بما في أفئدتنا كما قال جل ثناؤه: إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما. فلما كان ما وصفت من إخراج كل ما كان في الانسان واحدا إذا ضم إلى الواحد منه آخر من إنسان آخر فصارا اثنين من اثنين فلفظ الجمع أفصح في منطقها وأشهر في كلامها، وكان الأخوان شخصين كل واحد منهما غير صاحبه من نفسين مختلفين أشبه معناها معنى ما كان في الانسان من أعضائه واحدا لا ثاني له، فأخرج أنثييهما بلفظ أنثي العضوين اللذين وصفت، فقيل: إخوة. في معنى الأخوين، كما قيل: ظهور. في معنى الظهرين، وأفواه في معنى فموين، وقلوب في معنى قلبين. وقد قال بعض النحويين إنما قيل: إخوة، لأن أقل الجمع اثنان. الخ. ا ه‍
وأخرج الحاكم بإسناد صححه في المستدرك 4: 335، والبيهقي في السنن 6: 227 عن زيد بن ثابت إنه كان يحجب الأم بالأخوين فقال: إن العرب تسمي الأخوين إخوة. وذكره الجصاص في أحكام القرآن 2: 99.
وأخرج ابن جرير في تفسيره 4: 189 وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله تعالى: فإن كان له إخوة فلامه السدس. قال: أضروا بالأم، ولا يرثون ولا يحجبها الأخ الواحد من الثلث ويحجبها ما فوق ذلك. (الدر المنثور 2: 126)
وذكر الجصاص في أحكام القرآن 2: 98 قول الصحابة بحجب الأخوين الأم عن الثلث كالأخوة فقال: والحجة: إن اسم الأخوة قد يقع على الاثنين كما قال تعالى: إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما. وهما قلبان. وقال تعالى: هل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب. ثم قال تعالى: خصمان بغى بعضنا على بعض. فأطلق لفظ الجمع على اثنين. وقال تعالى: وإن كانوا إخوة رجالا ونساءا فللذكر مثل حظ الأنثيين. فلو كان أخا وأختا كان حكم الآية جاريا فيهما. الخ. (2)
قال مالك في الموطأ 1: 331: فإن كان له إخوة فلامه السدس فمضت السنة أن الأخوة اثنان فصاعدا.
وفي عمدة السالك وشرحه فيض المالك 2: 122: فإن كان معها أي الأم ولد أو كان معها ولد ابن ذكر أو أنثى أو كان معها عدد اثنان فأكثر من الأخوة ومن الأخوات فلها السدس لقوله تعالى: فإن كان له إخوة فلامه السدس. والمراد بهم اثنان فأكثر إجماعا. (3)
وقال الشافعي كما في مختصر المزني هامش كتاب الأم 3: 140: وللأم الثلث فإن كان للميت ولد أو ولد ولد أو اثنان من الأخوة أو الأخوات فصاعدا فلها السدس.
وقال ابن كثير في تفسيره 1: 459: حكم الأخوين كحكم الأخوة عند الجمهور ثم ذكر حديث زيد بن ثابت من إن أخوين تسمي إخوة.
وقال الشوكاني في تفسيره 1: 398: قد أجمع أهل العلم على أن الاثنين من الأخوة يقومون مقام الثلاثة فصاعدا في حجب الأم إلى السدس.
هذا رأي الأمة في الأخوة فقد عزب عن الخليفة صحة الإطلاق في الآية الكريمة في لسان قومه، وإن السلف لم يعرف من الأخوة معنى إلا ما يعم الأخوين وزعم أن من كان قبله شذوا عن لسان قومه، وذهبوا إلى حجب الأم بالأخوين خلاف كتاب الله، وجاء يأسف على أنه لم يستطع تغيير ما وقع ونقض ما كان من الناس، هذا مبلغ علم الرجل بالكتاب وأدلة الأحكام والفروض المسلمة بين الأمة.
وأما ابن عباس فإنه لم يشذ عن لغة قومه وهو من جبهة العرب وعلى سنام قريش ومن بيت هم أفصح من نطق بالضاد، وإنما أراد باستفهامه من الخليفة أن يعرف الملأ مقداره من أبسط شئ يجب أن يكون في مثله فضلا عن معضلات المسائل وهو الحيطة باللغة وعرفان موارد الاستعمال حتى يتسنى له أخذ الحكم من الكتاب والسنة اللذين جاءا بهذه اللغة الكريمة، ولذلك أتى في قوله بصورة الاستفهام عن مدرك الحكم لاعن أصله، فإن الحكم كان مسلما عنده لا أن ما قاله للخليفة كان رأيا له في الخلاف في حجب الأخوين، وإلا لتبعه أصحابه المقتصين أثره، لكنهم كلهم موافقون للأمة وعلمائها في حجب الأخوين كما ذكره ابن كثير في تفسيره 1: 459 فعد ابن عباس مخالفا في المسألة بهذه الرواية كما فعله الطبري في تفسيره 4: 188، وابن رشد في البداية 2: 327 وغير واحد من الفقهاء وأئمة الحديث ورجال التفسير أغلوطة نشأت من عدم فهم مغزى كلامه.
___________
(1) سيوافيك فساد عزو الخلاف إلى ابن عباس.
(2) بقية كلامه لا تخلو عن فوائد. فراجع الجصاص أحد أئمة الحنفية.
(3) هذا مذهب الحنابلة والكتاب لأحد أئمتهم.



أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page