قبل الشروع في سرد الفضائل نوقفك على مواد تعرفك مبلغ الخليفة من العلم، و مقداره من النفسيات الفاضلة، وموقفه من التقوى، ومبوأه من الإيمان، حتى يكون نظرك في فضائله عارف به وبها.
- 1 -
قضاءه في امرأة ولدت لستة أشهر
أخرج الحفاظ عن بعجة بن عبد الله الجهني قال: تزوج رجل منا امرأة من جهينة فولدت له تماما لستة أشهر، فانطلق زوجها إلى عثمان فأمر بها أن ترجم فبلغ عليا رضي الله عنه فأتاه فقال: ما تصنع؟ ليس ذلك عليها قال الله تبارك وتعالى: وحمله و وفصاله ثلاثون شهرا (1). وقال: والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين (2) فالرضاعة أربعة وعشرون شهرا. والحمل ستة أشهر. فقال عثمان: والله ما فطنت لهذا. فأمر بها عثمان أن ترد فوجدت قد رجمت، وكان من قولها لأختها: يا أخية لا تحزني فوالله ما كشف فرجي أحد قط غيره، قال: فشب الغلام بعد فاعترف الرجل به وكان أشبه الناس به، وقال: فرأيت الرجل بعد يتساقط عضوا عضوا على فراشه.
أخرجه مالك، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي، وأبو عمر، وابن كثير، وابن الديبع، والعيني، والسيوطي كما مر في الجزء السادس صفحة 94 ط 2.
قال الأميني: إن تعجب فعجب إن إمام المسلمين لا يفطن لما في كتاب الله العزيز مما تكثر حاجته إليه في شتى الأحوال، ثم يكون من جراء هذا الجهل أن تودي بريئة مؤمنة، وتتهم بالفاحشة، ويهتك ناموسها بين الملأ الديني وعلى رؤس الاشهاد.
وهلا كان حين عزب عنه فقه المسألة قد استشار أحدا من الصحابة يعلم ما جهله فلا يبوء بإثم القتل والفضيحة؟ وهلا تذكر لدة هذه القضية وقد وقعت غير مرة على عهد عمر؟ حين أراد أن يرجم نساء ولدن ستة أشهر فحال دونها أمير المؤمنين وابن عباس كما مرت في الجزء السادس ص 93 - 95 ط 2.
ثم هب إنه ذهل عن الآيتين الكريمتين، ونسي ما سبق في العهد العمري، فماذا كان مدرك حكمه برجم تلك المسكينة؟ أهو الكتاب؟ فأنى هو؟ أو السنة؟ فمن ذا الذي رواها؟ أو الرأي والقياس؟ فأين مدرك الرأي؟ وما ترتيب القياس؟ وإن كانت فتوى مجردة؟ فحيا الله المفتي، وزه بالفتيا، ومرحبا بالخلافة والخليفة، نعم: لا يربي بيت أمية أربى من هذا البشر، ولا يجتنى من تلك الشجرة أشهى من هذا الثمر
____________
(1) سورة الأحقاف آية 15.
(2) سورة البقرة آية 233.
الغلو في فضايل عثمان : 1 - قضاءه في امرأة ولدت لستة أشهر
- الزيارات: 2470