• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

في طائفة مما صح عند أهل السنة من الأحاديث الحاكمة بنجاة مطلق الموحدين

أوردناها ليعلم حكمها بالجنة على كل من الشيعة والسنة ، والغرض بعث المسلمين على الاجتماع والتنديد بهم على هذا النزاع والتنبيه لهم على أن هذا التدابر بينهم عبث محض وسفه صرف بل فساد في الأرض وإهلاك للحرث والنسل ، ضرورة أنه متى كان الدين حاكما على كل منهما بالإيمان معلنا بفوزهما في أعلى الجنان لا يبقى لنزاعهما غرض تقصده الحكماء أو أمر يليق بألباب العقلاء ، لكن مني المسلمون بجماعة ذهلوا عن صلاحهم وغفلوا عن حديث صحاحهم ،
وإليك منه ما عقد الفصل لذكره : أخرج البخاري ( 1 ) في صحيحه عن أبي أيوب الأنصاري " رض " أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وآله : أخبرني بعمل يدخلني الجنة . فقال القوم : ماله ماله . فقال النبي صلى الله عليه وآله : ( إرب ماله ) فقال : تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم ذرها . قال : كأنه كان على راحلته
وأخرج أيضا بسنده أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة . قال صلى الله عليه وآله : تعبد الله ولا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة والمكتوبة ، وتؤدي الزكاة المفروضة ، وتصوم رمضان .
قال : والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا . فلما ولى قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا ا ه‍ .
قلت : ظهر لي من أخبار أخر أن هذا الأعرابي إنما هو مالك بن نويرة بن حمزة التميمي ( 2 ) .
وفي صحيح البخاري بالإسناد إلى عبادة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل ( 3 ) .
وفي البخاري أيضا عن جنادة مثله إلا أنه زاد فيه " من أبواب الجنة الثمانية أيها شاء دخل " .
وفيه عن أبي ذر " رض " قال : أتيت النبي صلى الله عليه وآله وعليه ثوب أبيض وهو نائم ، ثم أتيته وقد استيقظ ، فقال : ما من عبد قال : لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة . قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : وإن زنى وإن سرق .
قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : وإن زنى وإن سرق ؟ قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي ذر .
وفيه عن أبي ذر أيضا قال لي النبي صلى الله عليه وآله : قال جبرائيل : من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة أو لم يدخل النار .
قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال وإن ا ه‍ . وفيه عنه أيضا قال : خرجت ليلة من الليالي فإذا رسول الله صلى الله عليه وآله يمشي وحده وليس معه إنسان . قال : فظننت أنه يكره أن يمشي معه أحد فجعلت أمشي في ظل القمر فالتفت فرآني فقال : من هذا ؟ قلت : أبو ذر جعلني الله فدك . قال : يا أبا ذر تعال . قال فمشيت معه ساعة فقال : إن المكثرين في الدنيا هم المقلون يوم القيامة إلا من أعطاه الله خيرا ، فنفخ فيه يمينه وشماله وبين يديه ووراءه وعمل فيه خيرا . قال : فمشيت معه ساعة فقال لي : اجلس ها هنا حتى أرجع إليك . قال : فانطلق في الحرة حتى لا أراه ، فلبث عني فأطال اللبث ثم إني سمعته وهو مقبل وهو يقول : وإن سرق وإن زنى . فلما جاء
لم أصبر حتى قلت له : يا نبي الله جعلت فداءك من تكلم في جانب الحرة ما سمعت أحدا يرجع إليك شيئا ؟ قال : ذلك جبرائيل عرض لي في جانب الحرة فقال : بشر أمتك إنه من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة . قلت : يا جبرائيل وإن سرق وإن زنى ؟ قال : نعم . قلت : وإن سرق وإن زنى ؟ قال : نعم . قلت وإن سرق وإن زنى ؟ قال : نعم وإن شرب الخمر ا ه‍ .
قلت : الظاهر أن الزنا والسرقة وشرب الخمر هنا كناية عن مطلق الكبائر ، فيكون المراد أن من مات على التوحيد دخل الجنة أولم يدخل النار وإن ارتكب الكبائر ، على حد قوله في الحديث السابق أعني حديث عبادة " على ما كان من العمل " .
تنبيه : يحب أن يعلم أن عصاة المؤمنين يعذبون يوم القيامة على قدر ذنوبهم ثم ينالون الكرامة في دار المقامة ، على ذلك اجتماع أهل البيت وشيعتهم بل هو من الضروريات عندهم .
فالأخبار الحاكمة بنجاة أهل القبلة على ما كان من العمل ليست ناظرة إلى أن العصاة منهم لا يرون العذاب أصلا ، وإنما المراد أنهم لا يخلدون كما يخلد الكفار ، وبهذا لا يبقى لهم تمسك بهذه الأحاديث ونحوها ، وليس لهم بما اجترحوا إلا التوبة ، والندم أو العذاب في جهنم على قدر ما يستحقون أو يتداركهم الله بعفوه وغفرانه وشفاعة الشافعين عليهم السلام .
وفي الصحيحين عن معاذ بن جبل قال : بينا أنا رديف النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليس بيني وبينه إلا آخرة الرحل قال : يا معاذ . قلت : لبيك يا رسول الله وسعديك . ثم سار ساعة ثم قال . يا معاذ . قلت لبيك رسول الله وسعديك . ثم قل يا معاد .
قلت لبيك رسول الله وسعديك . قال : هل تدري ما حق الله على عباده ؟ قلت : الله ورسوله أعلم . قال : حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا . ثم سار ساعة فقال : يا معاذ بن جبل . قلت : لبيك رسول الله وسعديك . قال : هل تدري ما حق العباد على الله إدا فعلوه ؟ قلت : الله ورسوله أعلم . قال : حق العباد على الله أن لا يعذبهم .
وفي صحيح البخاري عن عتبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لن يوافي عبد يوم القيامة بقول " لا إله إلا الله " يبتغي به وجه الله إلا حرم عليه النار .
وفيه عن عتبان بن مالك الأنصاري أيضا أنه أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسأله أن يأتي بيته فيصلي فيه ليتخذه مصلى  ( 4 ) قال عتبان : فغدا رسول الله صلى الله عليه وآله فصلى بنا ركعتين وحبسناه على حريرة . . . إلى أن قال ، فثاب في البيت رجال ذوو عدد فقال قائل منهم : أين مالك بن الدخشن ؟ ( 5 ) فقال بعضهم : ذلك منافق لا يحب الله ورسوله . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : لا تقل ذلك ، ألا تراه قد قال " لا إله إلا الله " يريد بذلك وجه الله . قال : فإنا نرى وجهه ونصيحته إلى المنافقين . قال رسول الله صلى الله عليه وآله : فإن الله قد حرم على النار من قال " لا إله إلا الله " يبتغي بذلك وجه الله .
وهذا الحديث أخرجه مسلم في صحيحه بطرق متعددة ، وآخره عنده : أليس يشهد أن لا إله إلا الله وإني رسول الله . قالوا : أنه يقول ذلك وما هو في قلبه . قال صلى الله عليه وآله : لا يشهد أحد أنه لا إله إلا الله وأني رسول الله فيدخل النار أو تطعمه . قال أنس : فأعجبني هذا الحديث فقلت لابني أكتبه فكتبه ا ه‍ .
قلت : أي عبارة أدل على نجاة كافة الموحدين من هذه العبارة ؟ وأي بشارة في الجنة لمطلق المسلمين أعظم من هذه البشارة ؟ والعجب ممن لا يرتاب في صحتها وهو مع ذلك يحكم بنقيض دلالتها ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) .
وأخرج البخاري في الصحيح عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يقول الله تعالى - لأهون أهل النار عذابا يوم القيامة - : لو أن لك ما في الأرض من شئ أكنت تفتدي به ؟ فيقول : نعم . فيقول الله تعالى : أردت منك أهون من هذا وأنت في صلب آدم أن لا تشرك بي شيئا فأبيت إلا أن تشرك بي .
قلت : ظاهر هذا أنه إنما ابتلي بعذاب النار لأنه أبى إلا أن يشرك ولولا ذلك لنجا ، فعلم أن أهل التوحيد ناجون .
وأيضا دل الحديث على أن أهون أهل النار عذابا هذا المشرك فعلم أن ليس فيها موحد ، إذ لو كان هناك موحد لكان أهون عذابا من هذا المشرك ( 6 ) وهذا خلاف صريح الحديث . وفي الصحاح الستة ومسند أحمد وكتب الطبراني وغيرها من هذا كثير ، ولا سيما أحاديث الشفاعة حتى يقال لرسول الله صلى الله عليه وآله ( فيما أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين ) : أخرج من النار من في قلبه أدنى من مثقال حبة خردل من إيمان .
ولو أردنا إيراد ما في الصحيحين من أحاديث الشفاعة المشتملة على أعظم البشائر لطال المقام ، لكنا أشرنا إليها ليراجعها من أرادها . على أن الشيخين ( البخاري ومسلما ) أخرجا في صحيحيهما عن عثمان بن عفان أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة . وهذا ظاهر بأن مجرد العلم بالوحدانية موجب لدخول الجنة .
ومثله ما أخرجه الطبراني في الكبير عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من علم أن الله ربه وإني نبيه صادقا عن قلبه حرم الله لحمه على النار .
وهذه الأخبار أجلى من الشمس في رائعة النهار وصحتها أشهر من نار على علم ، فيها من البشائر ما ربما هون على المسلم موبقات الكبائر ، فدونك أبوابها في كتب أهل السنة لتعلم حكمها عليك وعليهم بالجنة ( 7 ) وكلما ذكرناه شذر من بذر ، ونقطة من لجج بحر ، اكتفينا منها بما ذكره البخاري في كتابه وكرره بالأسانيد المتعددة في كثير من أبوابه ، ولم نتعرض لما في باقي الصحاح ، إذ انشق بما ذكرناه عمود الفجر واندلع لسان الصباح ، وإن عندنا صحاحا أخر فزنا بها من طريق أئمتنا الاثني عشر :

روتها هداة قولهم وحديثهم * روى جدنا عن جبرئيل عن الباري

فهي السنة التالية للكتاب ، وهي الجنة الواقية من العذاب ، وإليكها في أصول الكافي وغيره تعلن بالبشائر لأهل الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر لكنها تخصص ما سمعته من تلك العمومات المتكاثرة بولاية آل رسول الله وعترته الطاهرة ،
الذين قرنهم بمحكم الكتاب ، وجعلهم قدوة لأولي الألباب ، ونص على أنهم سفن النجاة إذا طغى زخار الفتن ، وأمان الأمة إذا هاج إعصار المحن ، ونجوم الهداية إذا ادلهم ليل الغواية ، وباب حطة لا يغفر إلا لمن دخلها ، والعروة الوثقى لا انفصام لها . ولا غرو فإن ولايتهم من أصول الدين ، وقد أقمنا على ذلك قواطع الحجج وسواطع البراهين أدلة عقلية وحججا نقلية ، نلفت الباحثين إلى الوقوف عليها في كتابنا ( سبيل المؤمنين ) إذ أوضحنا فيه المسالك وأمطنا بقوة برهانه كل ديجور حالك ، والحمد لله رب العالمين .
__________________
(1)  وفي صحيح مسلم من هذا النوع أحاديث وافرة ، فراجع منه باب الإيمان الذي يدخل به الجنة في الجزء الأول منه ، وباب من لقى الله بالإيمان وهو غير شاك فيه دخل الجنة وحرم على النار ، وهو في الجزء الأول أيضا تجد فيه من البشائر ما تقربه عين المؤمن بالله واليوم الآخر . ( * )
(2) وكان رجلا سريا نبيلا يردف الملوك ، وهو الذي يضرب به المثل فيقال " مرعى ولا كالسعدان وماء لا كصداء وفتى ولا كمالك " . وكان فارسا شاعرا مطاعا في قومه ، وكان فيه خيلاء وتقدم ، وكان ذا لمة كبيرة " وكان يقال له الجفول ، قدم على النبي ( ص )
فأسلم وحسن إسلامه فولاه ( ص ) صدقة قومه وحج معه حجة الوداع وشهد خطبته يوم غدير خم بالولاية لعلي فكان بعدها من المتفانين في ولايته . قتله خالد بن الوليد يوم البطاح ونكح زوجته وكانت زوجته وكانت في غاية الجمال وجعل رأسه اثفية لقدر فكانت القدر على رأسه
حتى نضج الطعام وما خلصت النار إليه ، نص على ذلك وثيمة بن موسى بن الفرات كما في ترجمته من وفيات ابن خلكان ، وذكره الواقدي وكثير من أهل السير والأخبار وعللوا عدم خلوص النار إلى شواه بكثرة شعر رأسه وهو كما ترى . وقد أشرنا إلى هذه القضية حيث ذكرنا خالد بن الوليد في فصل المتأولين وهو الفصل الثامن من هذه الفصول فراجع . ( * )
(3) أي مع ما كان منه من الأعمال سواء كانت مرضية لله تعالى أو غير مرضية . ( * )
(4) ما يقول الوهابية في هذا الحديث الصحيح ومنافاته لمذهبهم ؟
(5) هكذا في النسخة التي تحضرني من صحيح البخاري ، والظاهر أنه ابن الدخشم بالميم ابن مالك بن الدخشم بن غنم بن عوف بن عمرو بن عوف شهد بدرا وما بعدها ، وهو الذي أسر يوم بدر سهيل بن عمرو ، ومع هذا فقد كان معروفا بالنفاق . والله أعلم بحاله . ( * )
(6) لأن الموحد من المسلمين وإن جاء بأعظم الجرائم لا يعذب عذاب المشرك وإن لم يأت بغير الاشراك من الذنوب . ( * )
(7) لأن كلا من الإمامية والسنية يؤمنان بالله . ويصدقان رسول الله صلى الله عليه وآله ، ويقيمان الصلاة ، ويؤتيان الزكاة ، ويحجان البيت ، ويصومان الشهر ، ويوقنان بالبعث ، ويحللان الحلال ، ويحرمان الحرام ، كما تشهد به أقوالهما وأفعالهما وتحكم به الضرورة من كتبهما القديمة والحديثة مختصرة ومطولة . ( * )


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page