• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الأنصار من غير الهاشميين 7

 

الأنصار من غير الهاشميين 7

عبدالله بن عمير الكلبي :

روى الطبري عن أبي مخنف، قال : « حدّثني أبو جناب قال : كان منّا رجل يدعى عبدالله بن عمير من بني عُليم كان قد نزل الكوفة، واتّخذ عند بئر الجعد من همدان داراً، وكانت معه امرأةً له من النمر بن قاسط يقال لها : اُمّ وهب بنت عبد، فرأى القوم بالنُخيلة يُعرَضون ليُسرحوا إلى الحسين، قال : فسأل عنهم فقيل له يسرحون إلى حسين بن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال : والله ! لو قد كنتُ على جهاد أهل الشرك حريصاً، وإنّي لأرجو ألاّ يكون جهاد هؤلاء الذين يغزون ابن بنت نبيّهم أيسرَ ثواباً عند الله من ثوابه إيّاي في جهاد المشركين، فدخل إلى امرأته فأخبرها بما سمع، وأعلمها بما يريد، فقالت : أصبت أصابَ اللهُ بك أرشد اُمورك، افعل واخرجني معك، قال : فخرج بها ليلاً حتّى أتى حسيناً فأقام معه، فلمّا دنا منه ابن سعد ورمى بسهم، ارتمى النّاس، فلمّا ارتموا خرج يسار مولى زياد بن أبي سفيان وسالم مولى عبيدالله بن زياد، فقالا : مَن يبارز ليخرج إلينا بعضكم، قال : فوثب حبيب بن مظاهر وبرير بن خُضير .

                فقال لهما الحسين : اجلسا، فقام عبدالله بن عمير الكلبي فقال : أبا عبدالله، رحمك الله، ائذن لي فلأخرج إليهما، فرأى حسين رجلاً آدم طويلاً شديد الساعدين بعيد ما بين المنكبين .

                فقال حسين : إنّي لأحسبه للأقران قتّالاً، اخرج إن شئت، قال : فخرج إليهما فقالا  له : مَن أنت ؟ فانتسب لهما، فقالا : لا  نعرفك، ليخرج إلينا زهير بن القين، أو حبيب بن مظاهر، أو برير بن خضير، ويسار مُستَنتِلٌ أمام سالم، فقال له الكلبي : يابن الزانية، وبك رغبة عن مبارزة أحد من النّاس، وما يخرج إليك أحد من الناس، إلاّ  وهو خير منك، ثمّ شدّ عليه فضربه بسيفه حتّى برد، فإنـّه لمشتغل به يضربه بسيفه ; إذ شدّ عليه سالم، فصاح به قد رهقك العبد، قال : فلم يأبهْ له حتّى غشيه فبدره الضربة فاتّقاه الكلبي بيده اليسرى، فأطار أصابع كفّه اليسرى، ثمّ مال عليه الكلبي فضربه حتّى قتله وأقبل الكلبي مرتجزاً وهو يقول وقد قتلهما جميعاً :

إن تنكروني فأنا ابنُ كلبِ***حسبي ببيتي في عُليم حسبي

إنّي اُمرؤٌ ذو مِرة وعصبِ***ولستُ بالخوّار عند النكبِ

إنّي زعيمٌ لكِ اُمّ وهبِ***بالطعن فيهم مُقدِماً والضربِ

ضرب غلام مؤمن بالربِّ***               فأخذت اُمّ وهب امرأته عموداً ثمّ أقبلت نحو زوجها تقول له : فداك أبي واُمّي، قاتل دون الطيّبين ذرّيّة محمّد، فأقبل إليها يردّها نحو النساء، فأخذت تجاذب ثوبه، ثمّ قالت : إنّي لن أدعك دون أن أموت معك، فناداها حسين فقال : جُزيتم من أهل بيت خيراً، ارجعي رحمكِ الله إلى النساء، فاجلسي معهنّ، فإنـّه ليس على النساء قتال، فانصرفت إليهنّ([1]) .

                وفي المناقب لابن شهرآشوب : « فلم يزل يقاتل حتّى قتل تسعة عشر فارساً واثني عشر راجلاً، ثمّ قطعت يمينه واُخذ أسيراً »([2]) .

                وروي في إبصار العين : « حمل عمرو بن الحجّاج الزبيدي على الميمنة، فثبتوا له وجثوا على الركب، وأشرعوا الرماح فلم تقدم الخيل، وحمل شمر على الميسرة فثبتوا له وطاعنوه، وقاتل الكلبي ـ وكان في الميسرة ـ قتال ذي لبد، وقتل من القوم رجالاً، فحمل عليه هاني بن ثبيت الحضرمي وبكير بن حيّ التميمي من تيم الله بن ثعلبة، فقتلاه .

                وقال أبو مخنف : ثمّ عطفت الميمنة والميسرة والخيل والرجال على أصحاب الحسين (عليه السلام)، فاقتتلوا قتالاً شديداً وصرع أكثرهم، فبانت بهم القلّة وانجلت الغبرة، فخرجت امرأة الكلبي تمشي إلى زوجها حتّى جلست عند رأسه تمسح التراب عنه وتقول : هنيئاً لك الجنّة، أسأل الله الذي رزقك الجنّة أن يصحبني معك .

                فقال شمر لغلامه رستم : اضرب رأسها بالعمود، فضرب رأسها فشدخه، فماتت مكانها »([3]) .

                هذا قول أكثر أرباب المقاتل، إلاّ أنّ المجلسي عنونه بــ « وهب بن عبدالله بن حبّاب الكلبي »، وهكذا أورد مقتله رضوان الله عليه :

                « وقد كانت معه اُمّهُ يومئذ فقالت : قم يا بنيّ فانصر ابن بنت رسول الله ؟ فقال : افعل يا اُمّاه ولا  اُقصّر، فبرز وهو يقول :

إن تنكروني فأنا ابن الكلب***سوف تروني وترون ضربي

وحملتي وصولتي في الحرب***أدرك ثأري بعد ثأر صحبي

وأدفع الكرب أمام الكرب***ليس جهادي في الوغى باللعب***         ثمّ حمل فلم يزل يقاتل حتّى قتل منهم جماعة، فرجع إلى اُمّه وامرأته فوقف عليهما، فقال : يا اُمّاه، أرضيتِ ؟ فقالت : ما رضيت أو تقتل بين يدي الحسين (عليه السلام)، فقالت امرأته : بالله لا  تفجعني في نفسك، فقالت اُمّه : يا بنيّ، لا  تقبل قولها وارجع، فقاتل بين يدي ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيكون غداً في القيامة شفيعاً لك بين يدي الله .

                إلاّ أنّ المجلسي يلحق بهذه الرواية ما رويناه عن الطبري فيكمل روايته :

                « فرجع قائلاً :

إنّي زعيم لك اُمّ وهبِ***بالطعن فيهم تارةً والضرب

ضرب غلام مؤمن بالربِّ***حتّى يذيق القوم مرَّ الحربِ

إنّي امرء ذو مرّة وعصب***ولست بالخوّار عند النكبِ

حسبي إلهي من عليم حسبي***             فلم يزل يقاتل حتّى قتل تسعة عشر فارساً واثني عشر راجلاً، ثمّ قُطعت يداه، فأخذت امرأته عموداً وأقبلت نحوه، وهي تقول : فداك أبي واُمّي، قاتل دون الطيّبين حرم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأقبل كي يردّها إلى النساء فأخذت بجانب ثوبه، وقالت : لن أعود أو أموت معك، فقال الحسين : جزيتم من أهل بيت خيراً، ارجعي إلى النساء رحمك الله، فانصرفت، وجعل يقاتل حتّى قُتل رضوان الله عليه، قال : فذهبت امرأته تمسح الدم عن وجهه فبصر بها شمر، فأمر غلاماً له فضربها بعمود كان معه فشدخها وقتلها، وهي أوّل امرأة قتلت في عسكر الحسين »([4]) .

                والظاهر أنّ وهب الكلبي غير عبدالله بن عمير الكلبي، فالكلبي متعدّد، وتشابه ذيل رواية المجلسي عن وهب الكلبي بسبب ما اختلط على النسّاخ فأوردوا قضيّة عبدالله بن عمير الكلبي مع ترجمة وهب الكلبي، فأكثر المقاتل تورد قصّة عبدالله بن عمر وزوجته دون أن تذكر اُمّه، على أنّ المجلسي يرى أنّ وهب الذي صحب اُمّه وزوجته كان نصرانيّاً، والذي اُخذ أسيراً ليس عبدالله بن عمير الكلبي، بل هو وهب الكلبي لذا اختلط على كثير منهم أنّ عبدالله بن عمير اُخذ أسيراً وقتل صبراً، كما في المناقب لابن شهرآشوب، والسيّد المقرّم في مقتله، والشيخ الأعلمي في دائرة المعارف، وفي غيرها .

                ومن جهة اُخرى نجد بعضهم يروي أنـّه قاتل حتّى قُتل رضوان الله عليه، كما نجده عند الطبري في تاريخه والشيخ السماوي في إبصار العين، والسيّد العاملي في أعيانه .

                على أنّ السيّد محسن الأمين العاملي في أعيانه تنبّه إلى ذلك، إلاّ أنـّه أثبث اتّحادهما، فترجم مرّة اُخرى لوهب بن حبّاب الكلبي، وذكر أنّ لوهب هذا اُمّ وزوجة في المعركة قد صحبتاه، إلاّ أنّ في هامشه عدل عن ذلك وجعلهمـا متّحدين، وكون تعدّدهما تصحيفاً من النسّاخ . قال في هامشه :

                « هذا ذكره ابن طاووس ولم يذكره الطبري وابن الأثير والمفيد، وقد ينافي حاشية لواعج الأشجان وقوع خلط من المؤرّخين بين قصّة عبدالله بن جناب الكلبي المتقدّمة وقصّة وهب هذا، والصواب ما ذكرناه هنا، ويحتمل كونهما رجلاً واحداً، وأنّ وهب تصحيف أبو وهب وحبّاب تصحيف جناب »([5]) .

                كما أنّ العلاّمة الشيخ مهدي شمس الدين يذكره متعدّداً فيعنون اثنين : عبدالله بن عمير الكلبي، ووهب بن عبدالله الكلبي، ويجعلهما متعدّدين([6]) .

                والخلاصة : أنـّنا نميل إلى تعدّدهما، فعبدالله بن عمير الكلبي غير وهب بن عبدالله الكلبي ; وذلك لقرائن :

                أوّلاً : أنّ قصّتي مقتلهما مختلفتان، فأحدهما تذكر أنـّه اُخذ أسيراً وقُتل صبراً، والظاهر هو وهب بن عبدالله الكلبي، والاُخرى تذكر أنـّه قاتل حتّى قُتل، والظاهر هو عبدالله بن عمير الكلبي .

                ثانياً : أنّ أحدهما صحب زوجته فقط، وهو عبدالله بن عمير الكلبي، وأنّ وهب بن عبدالله الكلبي صحب اُمّه وزوجته .

                ثالثاً : يبدو في قصّة وهب بن عبدالله الكلبي أنّ زوجته تمانع من مبارزته، وأنّ اُمّه تدعوه إلى النزال والدفاع عن الحسين وأهل بيته صلوات الله عليهم، في حين تتّفق المقاتل أنّ زوجة عبدالله بن عمير الكلبي كانت تحثّه على النزال، بل كانت تدافعه لتشاركه في القتال لولا  نهي الإمام (عليه السلام)لها، وأمرها بالرجوع إلى النساء، وواضح أنّ موقف المرأتين مختلف، ممّا يعني تعدّد الشخصين .

                رابعاً : كون عبدالله بن عمير الكلبي نزيل الكوفة معروفاً بولائه لأهل البيت (عليهم السلام)، في حين أنّ وهب بن عبدالله الكلبي كان نصرانيّاً فأسلم على يد الحسين (عليه السلام) هو واُمّه، وهو ما ذكره المجلسي في بحاره، فقال :

                « ورأيت حديثاً أنّ وهب هذا كان نصرانياً فأسلم هو واُمّه على يدي الحسين، فقتل في المبارزة أربعة وعشرين راجلاً واثنى عشر فارساً، ثمّ اُخذ أسيراً، فاُتي به عمر بن سعد فقال : ما أشدّ صولتك ؟! ثمّ أمر فضُربت عنقه، ورمي برأسه إلى عسكر الحسين (عليه السلام)، فأخذت اُمّه الرأس فقبّلته، ثمّ رمت بالرأس إلى عسكر ابن سعد فأصابت به رجلاً فقتلته، ثمّ شدّت بعمود الفسطاط فقتلت رجلين، فقال لها الحسين : ارجعي يا اُمّ وهب، أنت وابنك مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فإنّ الجهاد مرفوع عن النساء، فرجعت وهي تقول : إلهي لا  تقطع رجائي، فقال لها الحسين (عليه السلام) : لا  يقطع الله رجاك يا اُمّ وهب »([7]) .

                إلاّ أنّ الذي يوقفنا عن القطع بهذه النتيجة جزماً أي (تعدّد الكلبيين) كون وهب بن عبدالله الكلبي لم يرد في زيارة الناحية المقدّسة، والذي ورد هو اسم عبدالله بن عمير الكلبي، وهذا ما يجعلنا أن نتوقّف في جزم النتيجة، والله أعلم .

 

عبدالله بن يقطر :

تقدّمت بعضُ ترجمته .

                قيل إنـّه أخو الحسين (عليه السلام) بالرضاعة، وهذا ليس بصحيح، فقد صحّ ما أوردته الأخبار أنـّه([8]) لم ترضعه غير فاطمة عليها صلوات الله وسلامه، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله)يلقمه إبهامه تارةً، وتارةً ريقه، وهي إحدى معاجز رسول الله (صلى الله عليه وآله)وكرامات أبي عبدالله الحسين (عليه السلام) .

                قال ابن حجر في الإصابة ـ كما عن السماوي ـ : إنـّه كان صحابيّاً لأنـّه لدة([9]) الحسين (عليه السلام) .

 

                عبدالله بن يقطر وقيس بن مسهر .. موقفان متميّزان :

                على أنّ ابن قتيبة وابن مسكويه ـ كما أورد ذلك العلاّمة السماوي في إبصار العين ـ قالا   : إنّ الذي أرسله الحسين قيس بن مسهر، وأنّ عبدالله بن يقطر بعثه الحسين (عليه السلام)مع مسلم، فلمّا أن رأى الخذلان قبل أن يتمّ عليه ما تمّ بعث عبدالله إلى الحسين يخبره بالأمر الذي انتهى، فقبض عليه الحصين وصار ما صار عليه من الأمر الذي ذكرناه([10]) .

عقبة بن الصلت الجهني :

له رواية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، تبع الحسين (عليه السلام) عند توجّهه إلى العراق ولازمه، وقاتل يوم الطفّ بين يديه حتّى نال الشهادة رضوان الله عليه([11]) .

                ذكره القاضي النعمان كذلك([12]) .

 

عمّار بن أبي سلامة الدالاني :

ممّن استشهد في الحملة الاُولى، كما عن المناقب([13]) .

                وقد ذكره العلاّمة المامقاني في أصحاب الحسين (عليه السلام)، وذكر أنّ بعض النسخ (سلامة) بدل (أبي سلامة) ([14]) .

                والعجيب منه رضوان الله عليه توقّفه عن إدراجه في الحسان مدّعياً أنـّه لم يقف على ما يدرجه في الحسان، واستظهر أنـّه إماميّ . وهذا من العجائب أن يتوقّف أحدٌ في إدراج مَن بذل مهجته مع الحسين (عليه السلام) في الثقات، فكيف التوقّف في إدراجه في الحسان، وقد تعجّب الشيخ (رحمه الله) ممّن توقّف في توثيق أصحاب الحسين (عليه السلام)، وجعل مناط توثيقه خروجه مع أبي عبدالله (عليه السلام)، فكيف هنا توقّف رضوان الله عليه، مع حرصه الدائب على تعظيم أصحاب الحسين (عليه السلام)ودأبه والحثّ على تعظيمهم وتكريمهم، حشره الله مع المدافعين عن حياض الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) .

                واحتمل الشيخ القمّي في منتهى الآمال أن يكون صحابيّاً أدرك رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فضلاً عن صحبته لأمير المؤمنين (عليه السلام)([15]) .

عمّار بن حسّان الطائي :

ممن استشهد في الحملة الاُولى، كما عدّه ابن شهرآشوب([16]) .

                كان من الشيعة المخلصين في الولاء، ومن الشجعان المعروفين، وكان أبوه حسّان ممّن صحب أمير المؤمنين (عليه السلام)وقاتل بين يديه في حرب الجمل وحرب صفّين فقتل بها، وكان عمّار صحب الحسين (عليه السلام) من مكّة ولازمه حتّى قتل بين يديه([17]) .

                وذكره الفضيل بن الزبير فيمن استشهد مع الحسين (عليه السلام) بعنوان (عامر بن حسّان) .

                ذكر في زيارة الناحية المقدّسة .

 

عمران بن كعب بن حارث الأشجعي :

عمران بن كعب بن حارث الأشجعي، عدّه ابن شهرآشوب من شهداء الحملة الاُولى([18]) .

                وتبعه الشيخ فعدّه من أصحاب الحسين (عليه السلام)، كما عن التنقيح، وكونه في أعلى درجات العدالة([19]) .

                ومثله في القمقام الزخّار([20]) .

                وفي منتهى الآمال كذلك([21]) .

عمرو بن جنادة الأنصاري :

ثمّ خرج عمرو بن جنادة بن الحارث الأنصاري رضوان الله تعالى عليه وهو يقول :

الخناق من ابن هند وارمه***من عامه بفوارس الأنصار

ومهاجرين مخضّبين رماحهم***تحت العجاجة من دم الكفّار

خضبت على عهد النبيّ محمّد***فاليوم تخضب من دم الفجّار

واليوم تخضب من دماء أراذل***رفضوا القران لنصرة الأشرار

طلبوا بثأرهم ببدر إذا أتوا***بالمرهفات وبالقنا الخطّار

والله ربّي لا  أزال مضارباً***في الفاسقين بمرهف بتّار

وهذا على الأزدي حقٌّ واجب***في كلِّ يوم تعانق وكرارِ([22])

                والعجيب أنّ العلاّمة الشيخ شمس الدين (قدس سره) جعل ملابسات موقفي الشاب الشهيد وعمرو بن جنادة واحدة، وهو ما دفعه إلى القول باتّحادهما، وأشار إلى البحار وغيره، إلاّ أنّ البحار لم يتعرّض إلى مقتل عمرو بن جنادة سوى ذكره الرجز، وهو مختلف عن رجز الشاب الشهيد كما ترى .

 

عمرو بن خالد الأسدي الصيداوي وسعد مولاه

ومجمع بن عبدالله العائذي وابنه عائذ :

وجابر بن الحارث السلماني([23]) :

قال في إبصار العين : « كان عمرو شريفاً في الكوفة، فخلص الولاء لأهل البيت (عليهم السلام)، قام مع مسلم حتّى إذا خانته أهل الكوفة لم يسعه إلاّ الاختفاء، فلمّا سمع بقتل قيس بن مسهر وأنـّه أخبر أنّ الحسين (عليه السلام) صار بالحاجر خرج إليه، ومعه مولاه سعد، ومجمع العائذي وابنه وجنادة بن الحارث السلماني([24])([25])، وأتبعهم غلام لنافع البجلي بفرسه المدعوّ الكامل فجنبوه، وأخذوا دليلاً لهم الطرماح بن عدي الطائي، وكان جاء إلى الكوفة يمتار([26]) لأهله طعاماً، فخرج بهم على طريق متنكبة وسار سيراً عنيفاً من الخوف ; لأنّهم علموا أنّ الطريق مرصود، حتّى إذا قاربوا الحسين (عليه السلام)حدا بهم الطرماح بن عدي، فقال :

يا ناقتي لا  تذعري من زجري***وشمّري قبل طلوع الفجر

بخير ركبان وخير سفر***حتّى تحلّي بكريم النجر

الماجد الحرّ رحيب الصدر***أتى به الله لخير أمرِ

ثمّة إبقاء بقاء الدهر***             فانتهوا إلى الحسين (عليه السلام) وهو بعذيب الهجّانات، فسلّموا عليه وأنشدوه الأبيات، فقال (عليه السلام) : أمَ والله ! إنّي لأرجو أن يكون خيراً ما أراد الله بنا، قتلنا أو ظفرنا . قال أبو مخنف : ولمّا رآهم الحرّ قال للحسين (عليه السلام) : إنّ هؤلاء النفر من الكوفة ليسوا ممّن أقبل معك، وأنا حابسهم أو رادّهم .

                فقال له الحسين (عليه السلام) : لأمنعهم ممّا أمنع منه نفسي، إنّما هؤلاء أنصاري وأعواني وقد كنتَ أعطيتني أن لا  تعرض لي بشيء حتّى يأتيك كتاب ابن زياد .

                فقال : أجل، لكن لم يأتوا معك .

                فقال (عليه السلام) : هم أصحابي وهم بمنزلة من جاء معي، فإن تمّمت على ما كان بيني وبينك وإلاّ ناجزتك، فكفّ عنهم الحرّ .

                وقال أبو مخنف أيضاً : ولمّا التحم القتال بين الحسين (عليه السلام) وأهل الكوفة، شدّ هؤلاء مقدّمين بأسيافهم في أوّل القتال على النّاس، فلمّا وغلوا عطف عليهم النّاس فأخذوا يجوزونهم وقطعوهم من أصحابهم، فلمّا نظر الحسين (عليه السلام) إلى ذلك ندب إليهم أخاه العبّاس فنهد إليهم واستنقذهم، فجاؤوا وقد جرحوا، فلمّا كانوا في أثناء الطريق والعبّاس يسوقهم رأوا القوم تدانوا إليهم ليقطعوا عليهم الطريق، فانسلّوا من العبّاس وشدّوا على القوم بأسيافهم شدّة واحدة على ما بهم من الجراحات، وقاتلوا حتّى قُتلوا في مكان واحد، فتركهم العبّاس ورجع إلى الحسين (عليه السلام)، فأخبره بذلك، فترحّم عليهم الحسين (عليه السلام)، وجعل يكرّر ذلك »([27]) .

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1]. تاريخ الطبري : 4/327 .

[2]. المناقب لابن شهرآشوب : 4/110 .

[3]. إبصار العين : 141 .

[4]. بحار الأنوار : 45/16 .

[5]. أعيان الشيعة : 2/427 .

[6]. راجع أنصار الحسين : 99 و 110 .

[7]. أنصار الحسين / الشيخ مهدي شمس الدين : 78 .

[8]. مناقب ابن شهرآشوب : 4/115 .

[9]. اللدة الذي ولد مع الإنسان في زمن واحد .

[10]. إبصار العين / العلاّمة السماوي : 70 .

[11]. تنقيح المقال : 2/254 .

[12]. شرح الأخيار : 3/245 .

[13]  المناقب / ابن شهرآشوب : 4/122 .

[14]. تنقيح المقال : 2/317 .

[15]. منتهى الآمال : 1/642 .

[16] . المناقب / ابن شهر آشوب: 4 / 122.

[17]. إبصار العين : 150 .

[18]. المناقب / ابن شهرآشوب : 4/122 .

[19]. تنقيح المقال : 2/351 .

[20]. القمقام الزخّار : 1/554 .

[21]. منتهى الآمال : 1/640 .

[22]. منتهى الآمال : 1/640 .

[23]. قال العلاّمة شمس الدين (رحمه الله) : « هكذا ورد اسمه عند الطبري، وذكره الشيخ الطوسي مصحّفاً جنادة بن الحرث السلماني، وكذلك عند السيّد الأمين، وعدّه الاُستاذ بعنوان جنادة تبعاً للشيخ » .

[24]. وقال المرحوم شمس الدين في جنادة : « ذكره ابن شهرآشوب والخوارزمي (جنادة بن الحرث) وبحار الأنوار .

[25]. أنصار الحسين / الشيخ محمّد مهدي شمس الدين : 78 .

[26]. من الميرة، وهي الطعام : أي يتزوّد لأهله من الطعام وما يحتاجون إليه .

[27]. إبصار العين : 88 ـ 89 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page