• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

علم الإمام بشهادته

لعلّ من البداهة بمكان أن يكون القائم لتغيير نظام الحكم على علم بسلامته من الأحداث المستجدّة ليتسنى له القيام بأعباء الحكم الجديد ، أو على جهل بموته قبل قيام الحكم على أقلّ تقدير ، أمّا إذا كان عالماً بما يجري عليه مقدماً ملماً بالنتيجة بادىء ذي بدء قبل أن تقع ، موقناً من قتله قبل قيام دولته ، فهنا لابدّ من أن يكون يخفي حقيقة اُخرى من جهاده غير حقيقة الحكم ، أو يكون له هدف آخر من هذه النهضة .
والإمام الحسين (عليه السلام) على علم أكيد بشهادته قبل أن يخلق الله يزيد بن معاوية ، بما أخبره به جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الله . عن عبدالله بن وهب بن زمعة قال : أخبرتني اُمّ سلمة أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اضطجع ذات يوم للنوم فاستيقظ وهو حائر ثمّ اضطجع فرقد ثمّ استيقظ وهو حائر دون ما رأيت منه في المرّة الاُولى ثمّ اضطجع واستيقظ وفي يده تربة حمراء يقبّلها فقلت : ما هذه التربة يا رسول الله ؟ قال : أخبرني جبرئيل (عليه السلام) : إنّ هذا يقتل بأرض العراق للحسين . فقلت : يا جبرئيل أرني تربة الأرض التي يقتل بها فهذه تربتها(1) .
وعن عروة بن الزبير عن عائشة قالت : دخل الحسين بن علي (رضي الله عنه) على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يوحى إليه ، فنزى على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو منكب ولعب على ظهره ، فقال جبرئيل لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : أتحبّه يا محمّد ؟ قال : يا جبرئيل ومالي لا أحبّ ابني ؟ قال : فإنّ اُمّتك ستقلته من بعدك فمدّ جبرئيل (عليه السلام) يده فأتاه بتربة بيضاء فقال : في هذه يقتل ابنك هذا يا محمّد واسمها الطف ، فلمّا ذهب جبرئيل (عليه السلام) من عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والتربة في يده يبكي فقال : يا عائشة : إنّ جبرئيل (عليه السلام) أخبرني أنّ الحسين ابني مقتول في أرض الطف ، وإنّ امّتي ستفتن بعدي ، ثمّ خرج إلى أصحابه فيهم أبوبكر وعمر وحذيفة وعمّار وأبوذر رضي الله عنهم وهو يبكي ، فقالوا : ما يبكيك يا رسول الله ؟ فقال : أخبرني جبرئيل أنّ ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف ، وجاءني بهذه التربة وأخبرني أنّ فيها مضجعه(2) .
عن اُمّ سلمة قالت : كان الحسن والحسين رضي الله عنهما يلعبان بين يدي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي بيتي ، فنزل جبرئيل (عليه السلام) فقال : يا محمّد إنّ اُمّتك تقتل ابنك هذا من بعدك فأومأ بيده إلى الحسين ، فبكى رسول الله وضمّة إلى صدره ثمّ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : وديعة عندك هذه التربة فشمّها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال : ويح كرب وبلاء . قالت : وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : يا اُمّ سلمة إذا تحوّلت هذه التربة دماً فاعلمي أنّ ابني قد قتل . قال : فجعلتها اُمّ سلمة في قارورة ثمّ جعلت تنظر إليها كلّ يوم وتقول : إنّ يوماً تحولين دماً ليوم عظيم(3) .
فهذه الروايات وعشرات مثلها تدلّ على أنّ الهدف من ثورة الحسين هي شهادته بالكيفيّة التي استشهد عليها ، كما أنّ كلّ مفردة من وقايع كربلاء مطلوبة لدين الله وضرورة من ضرورات وجوده في مستقبل الزمان ، أضف إلى ذلك لو كان قتال الحسين (عليه السلام) في كربلاء على خلاف الدين وفي غير نهجه لسارع جبرئيل إلى إخبار النبي بذلك ولو فعل لنقل .
وكان الحسين (عليه السلام) يعلم ذلك كلّه استمع إليه وهو يخاطب الناس قبل خروجه من مكة : الحمد لله وما شاء الله ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله وصلّى الله على رسوله ، خطّ الموت على ولد آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة ، وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف ، وخيّر لي مصرع أنا لاقيه ، كأنّي بأوصالي تقطّعلها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلا ، فيملأن منّي أكراشاً جوفا وأجربة سغبا لا محيص عن يوم خطّ بالقلم ، رضا الله رضانا أهل البيت ، نصبر على بلائه ويوفّينا أجور الصابرين ، لن تشذّ عن رسول الله لحمته بل هي مجموعة له في حضيرة القدس ، تقرّ بهم عينه وينجز بهم وعده ، ألا ومن كان فينا باذلاً مهجته موطناً على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فإنّي راحل مصبحاً إن شاء الله(4) .
فهل نجد في منطق سيدالشهداء (عليه السلام) هنا حديثاً عن تغيير النظام أو تبديل الدولة ، أو تجد حديثاً عن الشهادة والموت وتقطيع الأوصال واستضافة الوحوش بها بين النواويس وكربلاء وهذا منطق من يريد إقامة دولة الخلق لا دولة الحكم ، فما الفرق بينهما ؟



_______
(1) البيهقي ، دلائل النبوة ، ج6 ص468 ، ونقله ابن كثير في البداية ، ج6 ص230 .
(2) الطبراني ، المعجم الكبير ، ج3 ص107 .
(3) الطبراني ، المعجم الكبير ، ج3 ص108 .

(4) عبدالرزاق المقرم ، مقتل الحسين ، ص193 نقلاً عن اللهوف ص33 ، وابن نما ، ص20 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page