• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

في العدل الإلهي

 

في العدل الإلهي :
يُعتبر العدل أحد اُصول الدين عند الشّيعة ، ويُعتبر أيضاً من اُصول المعتزلة ؛ وعليه فإنّ الإماميّة ومَن سار بعدها من المعتزلة ، يرون الحكمة وراء كلّ أفعال الله ويقولون بحسنها , والله لا يفعل القبيح من قبيل الظلم ؛ إذ إنّ الله ليس ظلاّماً للعبيد , وكلّ القبائح الموجودة هي من أفعال العباد , بينما يتنزّه الله عن ذلك . وخالفت الأشعرية إلى رأي آخر , فترى أنّ أفعال الله تعالى حكمة وحسنه , وأنّ القبيح هو أيضاً صادر عن الله , وذلك لا يتنافى مع عدله .
كما ترى الأشاعرة : إنّ الله يقضي بالكفر والظلم وكلّ القبائح(2) . وترى أيضاً : إنّ الله يفعل الأشياء من دون مصلحة وغرض حكيم ، ويعذّب العبد من دون مصلحة , وقد يخلق خلقاً في النّار من غير معصية اقترفوها . ويرون : أنّ الله قد يضلّ العباد ويغويهم ـ تعالى عن ذلك ـ , وقد يدخل إلى الجنّة مَن عبده ويدخل النّار مَن عصاه , وأنّ الله قد أمر بكثير ممّا كرهه ونهى عمّا أراده(3) . وهم بذلك يخالفون الشّيعة ومَن سار خلفهم من المعتزلة ؛ إذ يرى الشّيعة : إنّ الله لا يجوز في حقّه معاقبة العبد على فعل إنّما هو أجبره عليه , وبأنّ الله لا يفعل الأشياء عبثاً من دون مصلحة وغرض , ولا يجوز في حقّ الله ـ وبمقتضى العدل الإلهي ـ أن يعذّب المطيع ويدخل الجنّة العاصي , وبأنّ الله لم يكلّف أحداً فوق طاقته , كما ترى الأشعرية .
نحن نقول للأشاعرة : بأنّه إذا كان الله لا يتنزّه عن تعذيب المطيع وإثابة العاصي خلافاً للعدل , بمقتضى أنّ الله مريد في ملكه لا يلزمه شيء . نريد أنّ نقول : إنّ الأشاعرة بذلك أثبتوا قشريتهم ، وتجزيئيتهم ، فالله في وحيه وعد بعقاب الكافرين ومجازات المؤمنين , فإذا لم يف بوعده , يتناقض ذلك مع صفة الوفاء والصدق الإلهيين , وإذا كان بمجرّد أن يكون الله قادراً على كلّ شيء يفعله فيكون عدلاً ، فلماذا يرد بالاستحالة أن يكون له ولد .
الواقع أنّ الأشاعرة جعلوا الأفعال هي مقياس العدل ، وليس العدل هو مقياس الأفعال , فضلّوا وأضلّوا .
إذا كان الله يفعل الشيء من دون غرض ، وأنّه أجبر الخلائق على الفعل ، وأنّ أبا نؤاس يشرب الخمر لأنّ الله أراد له ذلك , فلماذا يبعث رسله وأنبياءه لهداية النّاس وتوفير الحجّة على النّاس ، وبهذا تظهر سخافة القائلين : إنّ الأشعرية كانوا أكثر فهماً للتوحيد .
ولمّا قال الأشاعرة بـ : أنّ الإنسان مسيّر وليس مخيّراً وأنّه يكتسب ولا يفعل . وخالفهم المعتزلة إلى أنّ الإنسان مخيّر غير مسيّر ، وأنّه يفعل ولا يكتسب . قالت الشّيعة : إنّما الأمر بين أمرين ، فقال الإمام الصادق (عليه السّلام) : (( لا جبر ولا تفويض ، ولكن أمر بين أمرين )) . وبذلك نفهم أنّ الله ليس بظلاّماً للعبيد بجبرهم على المعصية ثمّ معاقبتهم على ذلك , وأنّ الإنسان مسؤول عن أفعاله , وبالتالي يستحقّ العقاب , فيكون عقابه عدلاً .
ولعلّ الثغرة التي وقع فيها الفريقان , هو أنّ المعتزلة تتطرّف في العقل , وتتجاوز بذلك كلّ نصّ , ومنهجها العقلي لا يعدو أن يكون منهج الأقيسة المنطقية الإغريقية ، فيما تكمن الثغرة عند الأشاعرة في أنّهم يلفّقون بين بعض طرق الكلام المعتزلي ـ الذي ورثه أبو الحسن الأشعري من فترة اعتزاله ـ مع بعض الآراء السّطحية والتجزيئية , والجمود على بعض آراء أهل الحديث ، بينما الشّيعة كانوا لا يتجاوزون بالعقل حدود النّصّ , ولا يعارضون بالنّصّ حدود العقل, ويوازنون بين المعقول والمنقول, ولم يكتفوا بنفي القبح عن فعل الله عقلاً فحسب ، وإنّما استندوا مباشرة إلى ظاهر النّصوص القرآنية :
ـ ( وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ )(4) .
ـ ( وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ )(5) .
ـ ( وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ )(6) .
ـ ( وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا )(7) .
ـ ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ )(8) .

ـ ( وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ )(9) .
وانطلاقاً من روح القرآن نستلهم حقيقة العدل الإلهي ، وبأنّ الوجود قائم عليه ، بخلاف ما ذهب إليه الأشاعرة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مرتضى المطهري ، في رحاب نهج البلاغة / 63 ، ترجمة هادي اليوسفي ، الطبعة الثانية , دار التعارف للمطبوعات , بيروت .
(2) شرح العقائد ، الملل والنحل .
(3) التغير الكبير ، الفصل لابن حزم .
(4) سورة الزمر / 7 .
(5) سورة فصلت / 46 .
(6) سورة البقرة / 205 .
(7) سورة الكهف / 49 .
(8) سورة هود / 117 .
(9) سورة الأعراف / 28 .

 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

telegram ersali arinsta ar

١ ذي الحجة

تبليغ سورة براءة «التوبة»

المزید...

٥ ذي الحجة

1) غزوة سويق. 2) شهادة الامام الجواد(ع).

المزید...

٦ ذي الحجة

1) زواج علي و فاطمة (عليهما السلام). 2) هلاك المنصور الدوانيقي

المزید...

٧ ذي الحجة

1) شهادت الامام الباقر(ع). 2) الامام الكاظم(ع)‌في سجن البصرة.

المزید...

٨ ذي الحجة

1) خروج الحسين(ع) من مكّة إلى العراق. 2) خروج مسلم بن عقيل نحو العراق. ...

المزید...

٩ ذي الحجة

1) يوم عرفة. 2) في مقتل مسلم بن عقيل و هاني بن عروة. 3) سدّ الابواب. ...

المزید...

١٠ ذي الحجة

1) عيد الاضحى المبارك. 2) استشهاد عبدالله المحض بن الحسن المثنى مع ثلّة من أبناء الحسن المجتبى. ...

المزید...

١١ ذي الحجة

افشاء سرّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من قبل عائشة وحفصة

المزید...

١٣ ذي الحجة

1) معجزة انشقاق القمر. 2) بيعة العقبة الثانية.

المزید...

١٤ ذي الحجة

في اليوم (14) من ذي الحجّة وقعت « قصة فدك » فدك بين النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) والزهراء (عليها السلام) ...

المزید...

١٥ ذي الحجة

ولادة الامام عليّ بن محمد الهادي

المزید...

١٨ ذي الحجة

1) غدير خم. 2) يوم الدار وقتل عثمان. 3) بيعة المسلمين للامام على(عليه السلام). ...

المزید...

٢٠ ذي الحجة

قتال ابراهيم بن مالك الاشتر وعبيد الله بن زياد

المزید...

٢٢ ذي الحجة

شهادة الصحابي الجليل لأميرالمؤمنين ميثم التمّار

المزید...

٢٤ ذي الحجة

1ـ مباهلة نصارى نجران. 2ـ تصدّق أميرالمؤمنين(عليه السلام) بخاتمه وهو في الصلاة. 3ـ موت الواثق بالله العباسي....

المزید...

٢٥ ذي الحجة

1ـ نزول سورة (هل أتى) ـ‌ (الانسان) ـ (الدهر) بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام) 2ـ بيعة اميرال...

المزید...

٢٦ ذي الحجة

مقتل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب

المزید...

٢٧ ذي الحجة

1) مقتل مروان الحمار وانقراض الحكم الاموي. 2) وفاة السيد الجليل عليّ بن جعفر(عليهما السلام). ...

المزید...

٢٨ ذي الحجة

واقعة الحرَّة  

المزید...
012345678910111213141516171819
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page