وقبل أن أذكر ذلك السرّ الخطير، أضيف أيضاً، أنّ هذا السرّ لم يكن هو السبب في اختلاف، وتفرّق المسلمين فحسب، بل كان هو السبب في اختلاف، وتفرّق الأمم السابقة أيضاً، وهو السبب الذي جعل قريشاً تحارب الرسول (صلّى الله عليه وآله) بكلّ ما أُوتيت من قوة، وكذلك كان هو السبب الذي جعل اليهود يحاربون الإسلام، ويواجهونه ويلجأون إلى تحريف كتبهم، ونبذها وراء ظهورهم.
وأمّا ذلك السرّ الخطير فهو: (تكبر إبليس ومن سار على نهجه من الكفار واليهود وأكابر المجرمين، وعدم خضوعهم، وتسليمهم للمختارين للاستخلاف في هذه الأرض من قبل الله عزّ وجلّ، فإن أولئك الأبالسة يرون أن الخضوع لأصفياء الله عزّ وجلّ سيسحب من تحتهم البساط، ولن يبقى لهم جاه ولا مقام؛ ولذا حاربوا الصفوة من الخلق تحت كلّ عنوان يقبله الناس).
ومن أجل هذا الأمر قامت الدنيا ولم تقعد، وتفرّقت الأمم وتشتت، وتشكّلت المذاهب وتشعّبت.
وقد يزعم البعض أن هذا الأمر ليس هو السبب فيما جرى بين
الأمم، من تفرّق واختلاف؛ لذلك كان لابدّ لنا أن نسرد بعض القصص القرآنية التي وردت فيها آيات تثبت ما نقوله، وتؤكّده وتجعله السبب الرئيس لكلّ نزاع دار بين العباد على وجه الأرض.
وهذا السبب إمّا أن يكون مباشراً، كما جرى بين آدم (عليه السلام) وإبليس ـ لعنـه اللهـ، أو غير مباشر، كما هو النزاع الموجود بين طوائف المسلمين في هذا العصر، فالنزاع الموجود اليوم ناشئ عن الاختلافات العقائدية، والاختلافات العقائدية ناشئة على إثر الاختلافات التي جرت بين الصحابة، الذين تركهم الرسول (صلّى الله عليه وآله) على المحجة البيضاء، التي ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلاّ هالك.
سر الاختلاف والافتراق
- الزيارات: 1407