• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء الثلاثون سورة قريش آيات 1 الى 4 وسورة الماعون آیات 1 الی 7 وسورة الكوثر آیات 1 الی 3


مجمع البيان ج : 10 ص : 827
( 106 ) سورة قريش مكية و آياتها أربع ( 4 )
مكية خمس آيات حجازي أربع آيات عند غيرهم .

اختلافها
آية من جوع حجازي .

فضلها
في حديث أبي من قرأها أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من طاف بالكعبة و اعتكف بها و روى العياشي بإسناده عن المفضل بن صالح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سمعته يقول لا تجمع بين سورتين في ركعة واحدة إلا ( الضحى و أ لم نشرح و أ لم تر كيف و لإيلاف قريش ) .
و عن أبي العباس عن أحدهما (عليهماالسلام) قال ( أ لم تر كيف فعل ربك و لإيلاف قريش ) سورة واحدة و روي أن أبي بن كعب لم يفصل بينهما في مصحفه .
و قال عمرو بن ميمون الأزدي صليت المغرب خلف عمر بن الخطاب و قرأ في الأولى ( و التين ) و في الثانية ( أ لم تر كيف و لإيلاف قريش ) .


تفسيرها
و لما ذكر سبحانه عظيم نعمته على أهل مكة بما صنعه بأصحاب الفيل قال عقيب ذلك : .
سورة قريش
بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لايلَفِ قُرَيْش(1) إِلَفِهِمْ رِحْلَةَ الشتَاءِ وَ الصيْفِ(2) فَلْيَعْبُدُوا رَب هَذَا الْبَيْتِ(3) الَّذِى أَطعَمَهُم مِّن جُوع وَ ءَامَنَهُم مِّنْ خَوْفِ(4)

مجمع البيان ج : 10 ص : 828
القراءة
قرأ أبو جعفر ليلاف قريش بغير همز إلافهم مختلسة الهمزة ليس بعدها ياء و قرأ ابن عامر لئلاف قريش مختلسة الهمزة ليس بعدها ياء « إيلافهم » مشبعة الهمزة في الحرفين بعدها ياء .
و قرأ ابن فليح لإيلاف قريش الفهم ساكنة اللام ليس بعدها ياء و قرأ الآخرون « لإيلاف قريش إيلافهم » مشبعة الهمزة في الحرفين بعدها ياء .

الحجة
قال أبو علي : قال أبو عبيدة ألفته و آلفته لغتان أنشد أبو زيد :
من المولفات الرمل أدماء حرة
شعاع الضحى في جيدها يتوضح و أنشد غيره :
ألف الصفون فلا يزال كأنه
مما يقوم على الثلاث كسيرا و قال آخر :
زعمتم أن إخوتكم قريش
لهم إلف و ليس لكم إلاف و الألف و الآلاف مصدر ألف و الإيلاف مصدر آلف .

اللغة
الإيلاف إيجاب الألف بحسن التدبير و التلطف يقال ألف يألف ألفا و آلفه يؤلفه إيلافا إذا جعله يألف فالإيلاف نقيض الإيحاش و نظيره الإيناس و ألف الشيء لزومه على عادة في سكون النفس إليه .
و الرحلة حال السير على الراحلة و هي الناقة القوية على السير و منه الحديث المروي الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة و الرحل متاع السفر و الارتحال احتمال الرحل للسير في السفر .

الإعراب
قال أبو الحسن الأخفش اللام في قوله « لإيلاف قريش » يتعلق بقوله « كعصف مأكول » أي فعلنا ذلك بهم لتأتلف قريش رحلتها و قال الزجاج معناه أهلك الله أصحاب الفيل لتبقى قريش و ما قد ألفوا من رحلة الشتاء و الصيف قال أبو علي اعترض معترض فقال إنما جعلوا كعصف مأكول لكفرهم و لم يجعلوا كذلك لتألف قريش قال و ليس هذا الاعتراض بشيء لأنه يجوز أن يكون المعنى أهلكوا لكفرهم و لما أدى إهلاكهم إلى أن تألف قريش جاز كقوله تعالى « ليكون لهم عدوا و حزنا » و هم لم يلتقطوه لذلك فلما آل
مجمع البيان ج : 10 ص : 829
الأمر إليه حسن أن يجعله علة الالتقاط و قال الخليل و سيبويه فليعبدوا رب هذا البيت لإيلاف قريش أي ليجعلوا عبادتكم شكرا لهذه النعمة و اعترافا بها و قيل هو على أ لم تر كيف فعل ربك لإيلاف قريش عن الفراء لأنه سبحانه ذكر أهل مكة عظيم نعمته عليهم فيما صنع بالحبشة .

المعنى
« لإيلاف قريش » أي فعلنا ذلك بأصحاب الفيل نعمة منا على قريش مضافة إلى نعمتنا عليهم في رحلة الشتاء و الصيف فكأنه قال نعمة إلى نعمة فتكون اللام مؤدية معنى إلى و هو قول الفراء و قيل معناه فعلنا ذلك لتألف قريش بمكة و يمكنهم المقام بها أو لتؤلف قريشا فإنهم هابوا من أبرهة لما قصدها و هربوا منه فأهلكناهم لترجع قريش إلى مكة و يألفوا بها و يولد محمد (صلى الله عليهوآلهوسلّم) فيبعث إلى الناس بشيرا و نذيرا و قوله « إيلافهم » ترجمة عن الأول و بدل منهم « رحلة الشتاء و الصيف » منصوبة بوقوع إيلافهم عليها و تحقيقه أن قريشا كانت بالحرم آمنة من الأعداء أن تهجم عليهم فيه و أن يعرض لهم أحد بالسوء إذا خرجت منها لتجارتها و الحرم واد جديب إنما كانت تعيش قريش فيه بالتجارة و كانت لهم رحلتان في كل سنة رحلة في الشتاء إلى اليمن لأنها بلاد حامية و رحلة في الصيف إلى الشام لأنها بلاد باردة و لو لا هاتان الرحلتان لم يمكنهم به مقام و لو لا الأمن لم يقدروا على التصرف فلما قصد أصحاب الفيل مكة أهلكهم الله لتألف قريش هاتين الرحلتين اللتين بهما معيشتهم و مقامهم بمكة و قيل إن كلتا الرحلتين كانت إلى الشام و لكن رحلة الشتاء في البحر و أيلة طلب للدفا و رحلة الصيف إلى الشام لأنها بلاد باردة و لو لا هاتين الرحلتين لم يمكنهم مقام و لو لا الأمن لم يقدروا على التصرف فلما قصد أصحاب الفيل مكة أهلكهم الله لتألف قريش هاتين الرحلتين اللتين بهما معيشتهم و مقامهم بمكة و قيل إن كلتا الرحلتين كانت إلى الشام و لكن رحلة الشتاء في البحر و أيلة طلب للدفا و رحلة الصيف إلى بصري و أذرعات طلبا للهواء و أما قريش فهم ولد النضر بن كنانة فكل من ولده النضر فهو قرشي و من لم يلده النضر فليس بقرشي و اختلف في تسميتهم بهذا الاسم فقيل سموا قريشا للتجارة و طلب المال و جمعه و كانوا أهل تجارة و لم يكونوا أصحاب ضرع و لا زرع و القرش المكسب يقال هو يقرش لعياله أي يكتسب لهم و ذكر أنه قيل لابن عباس لم سميت قريش قريشا فقال لدابة تكون في البحر من أعظم دوابه يقال لها القريش لا تمر بشيء من الغث و السمين إلا أكلته قيل أ فتنشد في ذلك شيئا فأنشد قول الجمحي :
و قريش هي التي تسكن البحر
بها سميت قريش قريشا

مجمع البيان ج : 10 ص : 830

تأكل الغث و السمين و لا
تترك فيه لدى الحناجر ريشا و كانت قريش تعيش بتجارتهم و رحلتهم و كان لا يتعرض لهم أحد بسوء و كانوا يقولون قريش سكان حرم الله و ولاة بيته قال الكلبي و كان أول من حمل الميرة من الشام و رحل إليها الإبل هاشم بن عبد مناف و يصدقه قول الشاعر :
تحمل هاشم ما ضاق عنه
و أعيا أن يقوم به ابن بيض
أتاهم بالغرائر متأقات
من أرض الشام بالبر النفيض
فوسع أهل مكة من هشيم
و شاب البر باللحم الغريض و قال سعيد بن جبير مر رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و معه أبو بكر بملأ و هم ينشدون :
يا ذا الذي طلب السماحة و الندى
هلا مررت ب آل عبد الدار
لو أن مررت بهم تريد قراهم
منعوك من جهد و من إقتار فقال لأبي بكر أ هكذا قال الشاعر فقال لا و الذي بعثك بالحق بل قال :
يا ذا الذي طلب السماحة و الندى
هلا مررت ب آل عبد مناف
لو أن مررت بهم تريد قراهم
منعوك من جهد و من إيجاف
الرائشين و ليس يوجد رائش
و القائلين هلم للأضياف
و الخالطين غنيهم بفقيرهم
حتى يصير فقيرهم كالكافي
و القائلين بكل وعد صادق
و رجال مكة مسنتين عجاف
سفرين سنهما له و لقومه
سفر الشتاء و رحلة الأصياف « فليعبدوا رب هذا البيت » هذا أمر من الله سبحانه أي فليوجهوا عبادتهم إلى رب
مجمع البيان ج : 10 ص : 831
هذه الكعبة و يوحدوه و هو الله سبحانه « الذي أطعمهم من جوع » بما سبب لهم من الأرزاق في رحلة الشتاء و الصيف و أعطاهم من الأموال « و آمنهم من خوف » فلا يتعرض لهم أحد في سفرهم إذا قالوا نحن أهل حرم الله و قيل آمنهم من خوف الغارة بالحرم الذي جبلت قلوب الناس على تعظيمه لأنهم كانوا يقولون في الجاهلية نحن قطان حرم الله فلا يتعرض لهم و إن كان الرجل ليصاب في الحي من أحياء العرب فيقال هو حرمي فيخلي عنه و عن ماله تعظيما للحرم و كان غيرهم إذا خرج أغير عليه و قيل « أطعمهم من جوع » أي من بعد جوع كما يقال كسوتك من بعد عري يعني ما كانوا فيه من الجوع قال ابن عباس كانوا في ضر و مجاعة حتى جمعهم هاشم على الرحلتين فلم يكن بنو أب أكثر مالا و لا أعز من قريش .

مجمع البيان ج : 10 ص : 832
( 107 ) سورة الماعون مكية و آياتها سبع ( 7 )
و تسمى سورة الماعون مكية و قال الضحاك مدنية و قيل بعضها مكي و بعضها مدني .

عدد آيها
سبع عراقي و ست في الباقين .

اختلافها
آية يراءون عراقي .

فضلها
في حديث أبي من قرأها غفر الله له إن كان للزكاة مؤديا ، و عمرو بن ثابت عن أبي جعفر (عليه السلام) قال من قرأ أ رأيت الذي يكذب بالدين في فرائضه و نوافله قبل الله صلاته و صيامه و لم يحاسبه بما كان منه في الحياة الدنيا .

تفسيرها
ذكر سبحانه نعمه على قريش ثم عجب سبحانه في هذه السورة من تكذيبهم مع عظيم النعمة عليهم فقال : .
سورة الماعون
بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَ رَءَيْت الَّذِى يُكَذِّب بِالدِّينِ(1) فَذَلِك الَّذِى يَدُعُّ الْيَتِيمَ(2) وَ لا يحُض عَلى طعَامِ الْمِسكِينِ(3) فَوَيْلٌ لِّلْمُصلِّينَ(4) الَّذِينَ هُمْ عَن صلاتهِمْ ساهُونَ(5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ(6) وَ يَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ(7)

مجمع البيان ج : 10 ص : 833
القراءة
في الشواذ قراءة أبي رجاء العطاردي يدع اليتيم بفتح الدال خفيفة .

الحجة
و معناه يتركه و يعرض عنه فهو صائر إلى معنى القراءة المشهورة « يدع اليتيم » أي يدفعه و يجفو عليه .

اللغة
الدع الدفع بشدة و منه الدعدعة تحريكك المكيال ليستوعب الشيء كأنك تدفعه و الدعدعة أيضا زجر المعز و الحض و الحث و التحريض بمعنى واحد و الماعون كل ما فيه منفعة قال الأعشى :
بأجود منه بماعونه
إذا ما سماؤهم لم تغم و قال الراعي :
قوم على الإسلام لما يمنعوا
ماعونهم و يضيعوا التهليلا و قال أعرابي في ناقة له
كيما أنها تعطيك الماعون أي تنقاد لك و تطيعك و أصله القلة من المعن و هو القليل قال الشاعر
فإن هلاك مالك غير معن أي غير قليل و يقال ما له ممعن و لا معن فالماعون القليل القيمة مما فيه منفعة و يقال معن الوادي إذا جرت مياهه قليلا قليلا .

الإعراب
« فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون » اعتمد هنا في الخبر على ما جرى في صلة الموصول الذي هو وصف المجرور باللام المتعلق بالخبر أ لا ترى أن قوله « فويل للمصلين » غير محمول على الظاهر و الاعتماد على السهو في صلة الذين و قوله « الذين هم يراءون » يجوز أن يكون مجرورا على أنه صفة للمصلين و يجوز أن يكون منصوبا على إضمار أعني و أن يكون مرفوعا على إضمارهم .

المعنى
خاطب الله تعالى نبيه (صلى الله عليهوآلهوسلّم) فقال « أ رأيت » يا محمد « الذي يكذب بالدين » أي هذا الكافر الذي يكذب بالجزاء و الحساب و ينكر البعث مع وضوح الأمر في ذلك و قيام الحجج على صحته و إنما ذكره سبحانه بلفظ الاستفهام إرادة للمبالغة في الأفهام و التكذيب بالجزاء من أضر شيء على صاحبه لأنه يعدم بذلك أكثر الدواعي إلى الخير و الصوارف عن الشر فهو يتهالك في الإسراع إلى الشر الذي يدعوه إليه طبعه إذ لا يخاف عواقب الضرر فيه
مجمع البيان ج : 10 ص : 834
قال الكلبي نزلت في العاص بن وائل السهمي و قيل نزلت في الوليد بن المغيرة عن السدي و مقاتل بن حيان و قيل نزلت في أبي سفيان بن حرب كان ينحر في كل أسبوع جزورين فأتاه يتيم فسأله شيئا فقرعه بعصاه عن ابن جريج و قيل نزلت في رجل من المنافقين عن عطاء عن ابن عباس « فذلك الذي يدع اليتيم » بين سبحانه أن من صفة هذا الذي يكذب بالدين أنه يدفع اليتيم عنفا به لأنه لا يؤمن بالجزاء عليه فليس له رادع عنه و قيل يدع اليتيم أي يدفعه عن حقه بجفوة و عنف و يقهره عن ابن عباس و مجاهد « و لا يحض على طعام المسكين » أي لا يطعمه و لا يأمر بإطعامه يعني لا يفعله إذا قدر و لا يحض عليه إذا عجز لأنه يكذب بالجزاء « فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون » و هم الذين يؤخرون الصلاة عن أوقاتها عن ابن عباس و مسروق و روي ذلك مرفوعا و قيل يريد المنافقين الذين لا يرجون لها ثوابا إن صلوا و لا يخافون عليها عقابا إن تركوا فهم عنها غافلون حتى يذهب وقتها فإذا كانوا مع المؤمنين صلوها رياء و إذا لم يكونوا معهم لم يصلوا و هو قوله « الذين هم يراءون » عن علي (عليه السلام) و ابن عباس و قال أنس : الحمد لله الذي قال عن صلاتهم و لم يقل في صلاتهم يريد بذلك أن السهو الذي يقع للإنسان في صلاته من غير عمد لا يعاقب عليه و قيل ساهون عنها لا يبالون صلوا أم لم يصلوا عن قتادة و قيل هم الذين يتركون الصلاة عن الضحاك و قيل الذين إن صلوها صلوها رياء و إن فاتتهم لم يندموا عن الحسن و قيل هم الذين لا يصلونها لمواقيتها و لا يتمون ركوعها و لا سجودها عن أبي العالية و عنه أيضا قال هو الذي إذا سجد قال برأسه هكذا و هكذا ملتفتا و روى العياشي بالإسناد عن يونس بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سألته عن قوله « الذين هم عن صلاتهم ساهون » أ هي وسوسة الشيطان فقال لا كل أحد يصيبه هذا و لكن أن يغفلها و يدع أن يصلي في أول وقتها و عن أبي أسامة زيد الشحام قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله « الذين هم عن صلاتهم ساهون » قال هو الترك لها و التواني عنها و عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن (عليه السلام) قال هو التضييع لها و قيل هم الذين يراءون الناس في جميع أعمالهم لم يقصدوا بها الإخلاص لله تعالى « و يمنعون الماعون » اختلف فيه فقيل هي الزكاة المفروضة عن علي و ابن عمر و الحسن و قتادة و الضحاك و روي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام) و قيل هو ما يتعاوره الناس بينهم من الدلو و الفأس و القدر و ما لا يمنع كالماء و الملح عن ابن مسعود و ابن عباس و سعيد بن جبير و روي ذلك مرفوعا و روى أبو بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال هو القرض تقرضه و المعروف تصنعه و متاع البيت تعيره و منه الزكاة قال فقلت إن لنا جيرانا إذا أعرناهم متاعا كسروه و أفسدوه أ فعلينا جناح أن نمنعهم فقال لا ليس عليك جناح أن تمنعهم إذا كانوا كذلك و قيل هو المعروف كله عن الكلبي .

مجمع البيان ج : 10 ص : 835
( 108 ) سورة الكوثر مكية و آياتها ثلاث ( 3 )
مكية عن ابن عباس و الكلبي مدنية عن عكرمة و الضحاك و هي ثلاث آيات بالإجماع .

فضلها
في حديث أبي من قرأها سقاه الله من أنهار الجنة و أعطي من الأجر بعدد كل قربان قربه العباد في يوم عيد و يقربون من أهل الكتاب و المشركين .
أبو بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من قرأ إنا أعطيناك الكوثر في فرائضه و نوافله سقاه الله يوم القيامة من الكوثر و كان محدثة عند محمد (صلى الله عليهوآلهوسلّم) .

تفسيرها
ذم سبحانه في تلك السورة تاركي الصلاة و مانعي الزكاة و ذكر في هذه السورة أنهم إن فعلوا ذلك و كذبوه فإنه يعطيه الخير الكثير و أمره بالصلاة فقال : .
سورة الكوثر
بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطيْنَك الْكَوْثَرَ(1) فَصلِّ لِرَبِّك وَ انحَرْ(2) إِنَّ شانِئَك هُوَ الأَبْترُ(3)
اللغة
الكوثر فوعل من الكثرة و هو الشيء الذي من شأنه الكثرة و الكوثر الخير الكثير و الإعطاء على وجهين إعطاء تمليك و إعطاء غير تمليك و إعطاء الكوثر إعطاء تمليك كإعطاء الأجر و أصله من عطا يعطو إذا تناول و الشانىء المبغض و الأبتر أصله من الحمار الأبتر و هو المقطوع الذنب و في حديث زياد أنه خطب خطبته البتراء لأنه لم يحمد الله فيها و لم يصل على النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) .

مجمع البيان ج : 10 ص : 836
الإعراب
« و انحر » مفعوله محذوف أي و انحر أضحيتك كما حذف لبيد من قوله :
و هم العشيرة أن يبطيء حاسد أي إن يبطأهم حاسد أي أن ينسبهم إلى البطوء و قوله « إن شانئك هو الأبتر » لا أنت هذا تقديره أي هو مبتور لا أنت لأن ذكرك مرفوع مهما ذكرت ذكرت معي و هو فصل و الأبتر خبر إن .

النزول
قيل نزلت السورة في العاص بن وائل السهمي و ذلك أنه رأى رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) يخرج من المسجد فالتقيا عند باب بني سهم و تحدثا و أناس من صناديد قريش جلوس في المسجد فلما دخل العاص قالوا من الذي كنت تتحدث معه قال ذلك الأبتر و كان قد توفي قبل ذلك عبد الله بن رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و هو من خديجة و كانوا يسمون من ليس له ابن أبتر فسمته قريش عند موت ابنه أبتر و صنبورا عن ابن عباس .

المعنى
خاطب سبحانه نبيه (صلى الله عليهوآلهوسلّم) على وجه التعداد لنعمه عليه فقال « إنا أعطيناك الكوثر » اختلفوا في تفسير الكوثر فقيل هو نهر في الجنة عن عائشة و ابن عمر قال ابن عباس لما نزلت إنا أعطيناك الكوثر صعد رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) المنبر فقرأها على الناس فلما نزل قالوا يا رسول الله ما هذا الذي أعطاك الله قال نهر في الجنة أشد بياضا من اللبن و أشد استقامة من القدح حافتاه قباب الدر و الياقوت ترده طير خضر لها أعناق كأعناق البخت قالوا يا رسول الله ما أنعم تلك الطير قال أ فلا أخبركم بأنعم منها قالوا بلى قال من أكل الطائر و شرب الماء و فاز برضوان الله و روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال نهر في الجنة أعطاه الله نبيه (صلى الله عليهوآلهوسلّم) عوضا من ابنه و قيل هو حوض النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) الذي يكثر الناس عليه يوم القيامة عن عطاء و قال أنس بينا رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاء ثم رفع رأسه مبتسما فقلت ما أضحكك يا رسول الله قال أنزلت علي آنفا سورة فقرأ سورة الكوثر ثم قال أ تدرون ما الكوثر قلنا الله و رسوله أعلم قال فإنه نهر وعدنيه عليه ربي خيرا كثيرا هو حوضي ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد نجوم السماء فيختلج القرن منهم فأقول يا رب إنهم من أمتي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك أورده مسلم في الصحيح و قيل الكوثر الخير الكثير عن ابن عباس و ابن جبير و مجاهد و قيل هو النبوة و الكتاب عن عكرمة و قيل هو القرآن عن الحسن و قيل هو كثرة الأصحاب و الأشياع عن أبي بكر بن عياش و قيل هو كثرة النسل و الذرية و قد ظهرت الكثرة في نسله من ولد فاطمة (عليهاالسلام) حتى لا يحصى عددهم و اتصل إلى يوم القيامة مددهم و قيل هو الشفاعة
مجمع البيان ج : 10 ص : 837
رووه عن الصادق (عليه السلام) و اللفظ يحتمل للكل فيجب أن يحمل على جميع ما ذكر من الأقوال فقد أعطاه الله سبحانه و تعالى الخير الكثير في الدنيا و وعده الخير الكثير في الآخرة و جميع هذه الأقوال تفصيل للجملة التي هي الخير الكثير في الدارين « فصل لربك و انحر » أمره سبحانه بالشكر على هذه النعمة العظيمة بأن قال فصل صلاة العيد لأنه عقبها بالنحر أي و انحر هديك و أضحيتك عن عطاء و عكرمة و قتادة و قال أنس بن مالك كان النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) ينحر قبل أن يصلي فأمر أن يصلي ثم ينحر و قيل معناه فصل لربك صلاة الغداة المفروضة بجمع و انحر البدن بمنى عن سعيد بن جبير و مجاهد و قال محمد بن كعب إن أناسا كانوا يصلون لغير الله و ينحرون لغير الله فأمر الله تعالى نبيه (صلى الله عليهوآلهوسلّم) أن يكون صلاته و نحره للبدن تقربا إليه و خالصا له و قيل معناه فصل لربك الصلاة المكتوبة و استقبل القبلة بنحرك و تقول العرب منازلنا تتناحر أي هذا ينحر هذا يعني يستقبله و أنشد :
أبا حكم هل أنت عم مجالد
و سيد أهل الأبطح المتناحر أي ينحر بعضه بعضا و هذا قول الفراء و أما ما رووه عن علي (عليه السلام) أن معناه ضع يدك اليمني على اليسرى حذاء النحر في الصلاة فمما لا يصح عنه لأن جميع عترته الطاهرة (عليهم السلام) قد رووه بخلاف ذلك و هو أن معناه ارفع يديك إلى النحر في الصلاة و عن عمر بن يزيد قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قوله « فصل لربك و انحر » هو رفع يديك حذاء وجهك و روى عنه عبد الله بن سنان مثله و عن جميل قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) « فصل لربك و انحر » فقال بيده هكذا يعني استقبل بيديه حذو وجهه القبلة في افتتاح الصلاة و عن حماد بن عثمان قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) ما النحر فرفع يده إلى صدره فقال هكذا ثم رفعها فوق ذلك فقال هكذا يعني استقبل بيديه القبلة في استفتاح الصلاة و روي عن مقاتل بن حيان عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال لما نزلت هذه السورة قال النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) لجبريل (عليه السلام) ما هذه النحيرة التي أمرني بها ربي قال ليست بنحيرة و لكنه يأمرك إذا تحرمت للصلاة أن ترفع يديك إذا كبرت و إذا ركعت و إذا رفعت رأسك من الركوع و إذا سجدت فإنه صلاتنا و صلاة الملائكة في السماوات السبع فإن لكل شيء زينة و إن زينة الصلاة رفع الأيدي عند كل تكبيرة قال النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) رفع الأيدي من الاستكانة قلت و ما الاستكانة قال أ لا تقرأ هذه الآية « فما استكانوا لربهم و ما يتضرعون » أورده الثعلبي و الواحدي في تفسيرهما « إن شانئك هو الأبتر » معناه إن مبغضك هو المنقطع عن الخير و هو العاص بن وائل و قيل معناه أنه الأقل الأذل بانقطاعه عن كل خير عن قتادة و قيل معناه أنه لا ولد له على الحقيقة و أن من ينسب إليه ليس بولد له
مجمع البيان ج : 10 ص : 838
قال مجاهد الأبتر الذي لا عقب له و هو جواب لقول قريش إن محمدا (صلى الله عليهوآلهوسلّم) لا عقب له يموت فنستريح منه و يدرس دينه إذ لا يقوم مقامه من يدعو إليه فينقطع أمره و في هذه السورة دلالات على صدق نبينا (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و صحة نبوته ( أحدها ) أنه أخبر عما في نفوس أعدائه و ما جرى على ألسنتهم و لم يكن بلغه ذلك فكان على ما أخبر ( و ثانيها ) أنه قال « أعطيناك الكوثر » فانظر كيف انتشر دينه و علا أمره و كثرت ذريته حتى صار نسبه أكثر من كل نسب و لم يكن شيء من ذلك في تلك الحال ( و ثالثها ) أن جميع فصحاء العرب و العجم قد عجزوا عن الإتيان بمثل هذه السورة على وجازة ألفاظها مع تحديه إياهم بذلك و حرصهم على بطلان أمره منذ بعث النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) إلى يومنا هذا و هذا غاية الإعجاز ( و رابعها ) أنه سبحانه وعده بالنصر على أعدائه و أخبره بسقوط أمرهم و انقطاع دينهم أو عقبهم فكان المخبر على ما أخبر به هذا و في هذه السورة الموجزة من تشاكل المقاطع للفواصل و سهولة مخارج الحروف بحسن التأليف و التقابل لكل من معانيها بما هو أولى به ما لا يخفى على من عرف مجاري كلام العرب .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page