• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

معنى الرؤيا ومدى حجّيتها

 إنَّ من الأدلَّة التي يستند إليها هذا المدَّعي هو الرؤيا، ويقول بأنَّه رأى في المنام أنَّه ابن الإمام المهدي عليه السلام ووصيّه.
فللردَّ على كلامه هذا ينبغي لنا أن نتكلَّم في محاور ثلاثة، هي:
المحور الأوّل: تعريف الرؤيا:
هناك أكثر من نظرية في هذا الباب، منها النظرية الغربية التي تقول بأنَّ الرؤيا لا تُعبِّر عن حقيقة غيبية ولا حقيقة مستقبلية، وإنَّما هي انعكاس وتأثّر لما في الخارج، فهي عبارة عمَّا يُحدِّث به الإنسان نفسه، أو انعكاس لما يعيشه من الأُمور الدنيوية، فهي قضيّة مادّية صرفة لا واقع لها، ولا تكشف عن أيّ حقيقة.
وهذا التفسير مبني على إنكار الروح والإيمان بالوجود المادّي للإنسان فقط.
أمَّا النظرية الإسلاميّة فهي تؤمن بأنَّ الرؤيا تحكي عن حقيقة ما، وتكون حاكية لأمر حادث في الماضي أو لأمر سيحدث في المستقبل.
وبناءً على هذه النظرية تكون الرؤيا متعلّقة بالروح، لأنَّ روح الإنسان تتعلَّق بعالم الغيب في منامه، فتدرك بعض ما في ذلك العالم، وبالتالي يمكنه أن يترجم ما رآه إذا انتبه من النوم، فالنفس مجرَّدة في ذاتها مادّية في فعلها، وإذا نام الإنسان فكأنَّما تتفرَّغ النفس والتفتت إلى العالم العلوي فيحصل عندها الرؤيا.
المحور الثاني: هل كلّ رؤيا صادقة ولها حقيقة؟
يقول العلماء: صحيح أنَّ الروح أحياناً تنتقل إلى العالم العلوي، ولكن ليس كلّ روح إذا فرغت من البدن تمكَّنت من الاتّصال بعالم العقل والمجرَّدات وذلك لكدورتها وقلَّة صفائها، هذا من جهة.
ومن جهة أُخرى الإنسان كما أنَّ لديه حواسّاً ظاهرة كذلك لديه حواس باطنة تُدرس في علم النفس الفلسفي تحت عنوان الحسّ المشترك والمتخيّلة، وهذا الحسّ المشترك لديه قدرة على التصرّف في الصور، فحتَّى لو انفصلت الروح عن البدن وذهبت إلى عالم المثال لا تبقى وحدها المتصرّفة، بل من الممكن أن تشترك معها الحسّ المشترك فيؤثِّر على الصور التي أدركتها النفس من عالم المثال.
من هنا يقول الإمام الصادق عليه السلام للمفضَّل بن عمر: (فكِّر يا مفضَّل في الأحلام كيف دبّر الأمر فيها فمزج صادقها بكاذبها، فإنَّها لو كانت كلّها تصدق لكان الناس كلّهم أنبياء، ولو كانت كلّها تكذب لم يكن فيها منفعة، بل كانت فضلاً لا معنى له، فصارت تصدق أحياناً فينتفع بها الناس في مصلحة يهتدى لها أو مضرَّة يتحذَّر منها، وتكذب كثيراً لئلَّا يُعتمد عليها كلّ الاعتماد)(١١).
إذن الرؤى بعضها صادقة وبعضها غير صادقة، والصادقة منها بعضها قابل للتعبير وبعضها غير قابل للتعبير، فعن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: سمعته يقول: (إنَّ لإبليس شيطاناً يقال له: هزع، يملأ ما بين المشرق والمغرب في كلّ ليلة، يأتي الناس في المنام)(١٢)، فهو يلقي في روع الناس ومخيّلتهم صوراً تحدث بسببها أضغاث الأحلام والرؤى الكاذبة.
وإذا كانت بعض الرؤى صادقة وبعضها كاذبة فكيف نُميِّز الصادقة عن الكاذبة بنحو الجزم!؟ بل لا تفيد الرؤى إلَّا الظنّ فلا تكون حجّة لأنَّ (الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) (النجم: ٢٨)، وبالتالي لا يثبت بالرؤيا حكماً شرعياً وغيره من الأُمور.
المحور الثالث: الرؤيا التي لها الحجّية:
أمَّا الرؤيا الحجّة فهي رؤيا المعصوم فقط، وما يحصل فيها من الأمر والنهي فهو مختصٌّ بالمعصوم أيضاً، قال تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام: (قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) (الصافات: ١٠٢)، وقال تعالى مخاطباً النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) (الإسراء: ٦٠).
إذن فالرؤيا الحجّة هي رؤيا المعصوم أمَّا رؤيا غير المعصوم فهي وإن كانت صادقة ولكنَّها ليست بحجّة، وهذا الأمر قد أكَّده الإمام الصادق عليه السلام، فعن ابن أذينة، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قال: (ما تروي هذه الناصبة؟)، فقلت: جُعلت فداك، في ماذا؟ فقال: (في أذانهم وركوعهم وسجودهم)، فقلت: إنَّهم يقولون: إنَّ أُبي بن كعب رآه في النوم، فقال: (كذبوا فإنَّ دين الله أعزّ من أن يُرى في النوم)(١٣)، فأراد عليه السلام أن يُقرِّر حقيقة مفادها أنَّ الرؤيا لا تصلح أن تكون مصدراً من مصادر التشريع والاعتقاد.
وأمَّا الفِرَق المنحرفة فهي تستند إلى الرؤيا في إثبات معتقداتها وتُحدِّد لها إماماً وفقاً للأحلام كما هو حال أتباع هذا المدَّعي الكذّاب أحمد إسماعيل كاطع الذين يدَّعون أنَّهم رأوا في المنام أنَّ أحد المعصومين قال لهم: بايعوا أحمد إسماعيل كاطع، ونحن نقول لهم ما قاله الإمام الصادق عليه السلام: كذبتم فإنَّ دين الله أعزّ من أن يُرى في النوم.
هذه هي أهمّ ما يستند إليه هذا المدَّعي الآثم، وفيما بيَّناه من الردّ عليه كفاية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، فلا نُطيل بذكر باقي خزعبلاته.
****************
(١١) التوحيد للمفضَّل بن عمر: ٤٣ و٤٤؛ بحار الأنوار ٣: ٨٥ .
(١٢) أمالي الصدوق: ٢١٠/ ح (٢٣٤/١٨).
(١٣) الكافي ٣: ٤٨٢/ باب النوادر/ ح ١.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page